بين عدم استقرار سياسى فى بعض البلدان وشح بالمواد الغذئية وأزمات نقص المياه وأحيانا الجفاف فى بلدان أخرى ..هكذا يواجه العالم جحيم الأزمات القاسية و ربما الأزمة الاقتصادية هى محور التقاطع حيث تركت بصمات بدرجات متفاوتة بكل دولة، وسط تحذيرات من البنك الدولى من ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريبا، و تظهر المعلومات الخاصة بالفترة بين يوليو وديسمبر 2022 ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريباً؛ إذ سجلت 94.1% من البلدان منخفضة الدخل، و92.9% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و89% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل ارتفاعاً في مستويات التضخم تجاوز 5%، ويعاني كثير منها من تضخم مكون من خانتين.
وإن اختلفت الأسباب المؤدية لهذا الوضع المتأزم ، لكن تبقى أن الحرب الروسية الأوكرنية سببا رئيسيا فيما آلت إليه الكرة الأرضية من كوارث على مختلف الأصعدة .
تونس
لا تزال الدولة التونسية تبحث سبلا للتوافق بين مكوناتها لترسيخ الاستقرار السياسي المنشود بين أركانها، وفى تلك الأثناء تطل أزمات نقص السلع الغذائية برأسها، وفى مقدمتها الألبان، التى تصدرت عناوين الصحف التونسية، بعد أن أصبحت الأزمة الرئيسية فى المواد الأساسية، حيث تواجه نقصا كبيرا فى الأسواق بما لم يعد يلبى حد الكفاف لمتطلبات التونسيين، وتعانى سوق الألبان في تونس من نقص يومي في الإمدادات يتراوح بين 400 و500 ألف لتر، فى الوقت الى يتراوح الاستهلاك اليومي من الحليب بين مليون و800 ألف لتر ومليوني لتر، وفق إحصائيات الإدارة المركزية لتصنيع الحليب فى تونس.
هذا إلى جانب نقص العديد من المنتجات الغذائية الأخرى منها كالسكر والزيت الطبخ وعدد من الأدوية، مما ضاعف الشعور بالمعاناة لدى المواطنين.
ومن جانبها، قالت وزارة الفلاحة في تونس إن هناك الاضطراب كبير في التزود بالحليب ومساعى لإيجاد حل لإنهاء الأزمة فى أقرب وقت.
ورغم أن أزمة الحليب تعود لعدة أشهر إلا أن مقطع فيديو من نشرة أخبار التلفزيون الرسمي التونسي مؤخرا، قد أثار جدلا واسعا على منصات التوصل الاجتماعى في تونس، حيث قالت فيه مقدمة النشرة إن الحليب مضر بصحة كبار السن ونصحت بضرورة التقليل من استهلاكه، جدلاً واسعاً.
المغرب
يُعد المغرب واحدا من بين البلدان التى تعانى بسبب تضاعف نسبة التضخم وفى هذا السياق، قال البنك الدولي، وفق آخر تحديث حول "الأمن الغذائي"، إن التضخم الغذائي في المغرب شهد ارتفاعا من 4.3 % في يناير 2022 إلى 14.4 % في نوفمبر الماضي، وتم وضع المملكة في قائمة بلدان المنطقة الحمراء التي شهدت ارتفاعا واسعا في الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 5 و30 %.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين السنوى في المملكة ارتفع 6.6% في 2022، مدفوعا بزيادة أسعار المواد الغذائية والمواصلات، وفق ما ذكرت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب.
وفى السياق نفسه، ذكرت المندوبية أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت 11%، بينما زادت المواد غير الغذائية 3.9%، وارتفعت أسعار المواصلات 12.2% نتيجة صعود أسعار الوقود في العام الماضي.
وصعد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني السلع المعرضة لتقلب الأسعار، بنسبة 5.8% في 2022.
الجزائر
يبقة الوضع فى الجزائر مختلفا بعض الشىء، حيث تواجه مشكله نقص المياه فى 16 محطة تحليه ، وقد وضعت خطة عاجلة من قبل الحكومة الجزائرية لمواجهة هذا النقص الذى يعود إلى نقص في كمية الأمطار المتساقطة في الجزائر منذ 5 سنوات ، وقد سارعت الحكومة بوضع خطة تستهدف زيادة محطات تحلية مياه البحر إلى 24 محطة تحلية.
لبنان
تزداد الأمور فى لبنان تعقيدا فى ظل وجود مثلث أزمات السياسة والاقتصاد والصحة، فالدولة تواجه أعدادا متزايدة من إصابات كورونا ، فى وقت تستمر فيه البلاد بدون رئيس منتخب وتعمل فى ظل حكومة تصريف أعمال، كل هذا إلى جانب الوضع الاقتصادى المتدهور فأصبح لزاما على الدولة اتخاذ الإجراءات الصحيحة على طريق التعافى، وقد حذرت العديد من الجهات الدولية فى مقدمتها البناك الدولى من أى تأخير فى المضى بالإصلاحات لن يؤدى إلى زيادة حدة الأزمة فحسب بل سيزيد من الوقت اللازم للخروج منها.
وفى السياق نفسه، لا تزال أزمة الودائع المصرفية بلا أفق للحل فالخسائر المصرفية بلبنان مرتبطة بالعمليات التى استهدفت تثبيت سعر الصرف إلى جانب إنفاق البنك المركزى نحو نصف احتياطيات لبنان من النقد الأجنبى لدعم الليرة ودعم السلع، ومنها القمح والأدوية، منذ بدء التراجع الاقتصادى فى لبنان عام 2019، وازدادت الأزمة تفاقما فى عام 2020 عندما تخلف عن سداد سندات خارجية قيمتها 1.2 مليار دولار.
تراكم الخسائر المصرفية بلغ حوالى 70 مليار دولار، لذا من المتعذر سد فجوة الخسائر المصرفية، عبر استخدام أصول الدولة على النحو المقترح.