أكتب هذه الكلمات وأنا لا أستطيع رؤية شاشة الجهاز بشكل جيد بسبب عدم قدرتى على التماسك، فالدموع تنهمر بشكل مستمر لا أستطيع أن أوقفها، ولا أستطيع حتى الرد على أحد فيمن من جاء للمواساة في فقدانك يا أعز وأغلى الناس، فكنت لي خير الأخ وخير الصديق، فدائما ما كنت أنتظر انتهاء وقت العمل بسرعة لكى أراك، أنت الذى كنت لا تعرف شيء أسمه مستحيل، ولا مشكلة يصعب حلها، مهما كان حجم المشكلة التي كنت أواجهها أو تسمعها منى، لا أجد سوى ابتسامه جميلة وجملة "بسيطة يا صاحبى"، وتبدأ بكلمات قليلة تسرد كيفية حل المشكلة أو الخروج من الأزمة.
كنت لى يا علام عبد الغفار، السند والأخ الحقيقى الذى لم تلده أمى، بل وصلت معى لأن نكون شخص واحد في كل شيء، أنت الوحيد الذى لا أجد أو أشعر بأى حرج في أن أحكى لك كل شيء وأى مشكلة، لأنك ببساطة شديدة كنت أشعر وأنا معك أننى أتحدث مع نفسى، أحلام كثيرة كنا نرسمها سويا وأفكار كنا نخطط لتنفيذها، ولكن القدر لم يمهلنا، وأشاء الله أن يختارك لجواره، وذهبت لدار الحق، وتركتنى وحيدا في دار الباطل.
منذ أن تدهورت حالتك الصحية في الأيام الأخيرة وعيناى يجافيها النوم، صورتك تدور في ذهنى في كل المواقف التي تجمعنا سويا، فى الجريدة، أو في المقهى، أو في أي مكان كنا نلتقى فيه، كنا نسهر للساعة الثالثة أو الرابعة فجرا، وعندما أبدأ يومى التالى كنت أمسك الهاتف لكى أرسل لك رساله على الواتس أو أتصل بك، ولكن كنت أن السباق دائما، وصاحب الفضل، كنت أجدك تسبقنى في الاتصال أو الرسالة، وأرد عليك بجملة" والله كنت ماسك التليفون علشان أكلمك" وترد على بجملة " القلوب عند بعضها يا صاحبى"
مواقف كثيرة لا أستطيع سردها ولا روايتها في الوقت الحالي، لأنى كما ذكرت أننى أكتب تلك الكلمات ودموعى تنهمر، دائما في كل جلسة حلوة بيينا تنتهى بوصية منك ليا "خد بالك من عيالى" وتقولها بابتسامه جميلة، وأن أرد عليك بجملة وانت برضو يا علام.. كنت تقولها في نهاية جلسة تجمعنا على الكافيه ونحن نلعب ونهزر، وكأنك يا صديقى كنت تشعر أنك ستغادر هذه الدنيا بسرعة وتتركنى وحيدا.
لم أنس المشهد عندما اشتد عليك المرض ومسكت يدى وقولت جملة "ما تسيبنيش يا أحمد" وأنا بقولك جنبك مش هسيبك، ولم أتركك حتى رأيت في نظرك ابتسامة جميلة، كنت دائما أتظاهر أمامك بالتماسك لكى أخرجك مما أنت فيه، وبمجرد خروجى من غرفتك أقف لوحدى لكى أبكي حالى وحالك يا صديقى، رحلت عنى بجسدك ولكن لم ترحل بروحك، فصورتك دائما أمامى، وصوتك في أذنى، ذهبت عنى وترتكتنى أعانى فراقك وأعانى مصاعب الحياة ومشاكلها بمفردى، ولن أجد أحد ألجأ إليه لكى أشكو له ويسمعنى كما كنت تسمعنى، فمهما كانت تفاهة وببساطة المشكلة كنت تصغى جيدا لكل كلمة وكأنها مشكلة انهيار الكون، وكالعادة جملة ""بسيطة يا صاحبى" وتبدأ في سرد حل المشكلة."
أنت الآن في دار الحق ونسأل الله أن تكون مع الصديقين والشهداء، وسأحفظ وصيتك وكل ما كنت توصينى به، ولكن متغبش عنى كتير، خليك دايما معايا" وأسأل الله أن يلمهنى الصبر على فراقك يا صاحبى.