أجرى علماء الأعصاب في جامعة نورث كارولينا فحوصات دماغية لطلاب المدارس الإعدادية الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عامًا، وهي فترة نمو الدماغ الرئيسية.
واكتشف الباحثون أن أدمغة الشباب الذين يستشيرون شبكاتهم الاجتماعية بانتظام (فيسبوك وانستجرام وسنابشات) تتطور بشكل مختلف عن أدمغة المراهقين الأقل ارتباطًا، وفق موقع (ladn.eu) ونقلها البيان الاماراتيه.
ونشرت دورية الجمعية الطبية الأمريكية المتخصصة في طب الأطفال JAMA Pediatrics، الدراسة الجديدة، حيث أجرى الباحثون على مدى 3سنوات فحوص متتالية للدماغ لحوالي 170 طالبا من المدارس المتوسطة العامة الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 وهي فترة نمو سريع للدماغ بشكل خاص.
وبحسب الدراسة، فإن نحو 78% من الأطفال المشاركين يتفقدون أجهزتهم كل ساعة على الأقل، فيما يقوم 46% منهم بالتواجد بشكل مستمر على منصة واحدة من المنصات الاجتماعية قيد الدراسة، ما يعني أن هؤلاء هم "عرضة بشكل فريد ومستمر" لتلقي رد فعل مستمر على منشوراتهم وصورهم وآرائهم الشخصية.
ما تأثير تعرض الأطفال بشكل مستمر للتفاعلات عبر المنصات الاجتماعية حسب هذه الدراسة؟
وخضع المشاركون لجلسات تصوير دماغية سنوية تقيس نشاط الدماغ عند توقع ردود الفعل الاجتماعية من أقرانهم، استخدم الباحثون الرنين المغناطيسي الوظيفي في الدراسة لرصد الإشارات التي تخرج من منطقة المكافأة في الدماغ، والتحكم المعرفي والمرتبطة بقشرة الفَصِ الجَبهي، ووجدوا أن تلك المناطق تنشط بشكل أكبر كلما زادت فترة سلوكيات تفقد المنصات الاجتماعية، كما أظهرت مناطق في الدماغ اختلافات في النشاط العصبي طبقاً لعدد الساعات التي ينشطون فيها على المنصات الاجتماعية.
كما كشفت الفحوص أن دماغ المراهقين في حوالي سن 12 عاما الذين اعتادوا التحقق من خلاصات المنصات الاجتماعية الخاصة بهم، قد يصبح أكثر حساسية بمرور الوقت عند توقع المكافآت والعقوبات الاجتماعية مع الاستخدام المتكرر والمتزايد.
كذلك وجد الباحثون أيضاً أن المراهقين يواجهون زيادة في إفراز الدوبامين استجابةً للتعليقات والمكافآت الاجتماعية، ما يشجع أيضاً على السلوكيات عالية المكافأة.
وتقول الدكتورة إيفا هـ. تيلزر، أستاذة مساعدة في علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة نورث كارولينا، تشابل هيل، وأحد مؤلفي الدراسة: "المراهقون الذين يتفقدون بشكل معتاد المنصات الاجتماعية الخاصة بهم يظهرون هذه التغييرات الدراماتيكية في طريقة استجابة أدمغتهم، التي يمكن أن يكون لها عواقب طويلة المدى حتى مرحلة البلوغ، ما يمهد الطريق لنمو الدماغ بمرور الوقت".
وتشير الدكتورة إيفا هـ. تيلزر إلى أن النتائج أظهرت أن "المراهقين الذين يكبرون وهم يتفقدون المنصات الاجتماعية في كثير من الأحيان يصبحون أكثر حساسية تجاه ردود الفعل من أقرانهم".
ووصفت الحساسية المتزايدة للتعليقات الاجتماعية بأنها "ليست جيدة ولا سيئة"، بل "أنها تساعدهم على التواصل مع الآخرين والحصول على مكافآت من الأشياء الشائعة في عالمهم الاجتماعي، وهو الانخراط في التفاعلات الاجتماعية عبر الإنترنت".
غير إن النتائج لا توضح حجم التغيرات في الدماغ، بل مسارها فقط، وقال الباحثون إنه من غير الواضح ما إذا كانت التغييرات مفيدة أم ضارة. يمكن أن تكون الحساسية الاجتماعية قابلة للتكيف، مما يدل على أن المراهقين يتعلمون التواصل مع الآخرين؛ أو يمكن أن يؤدي إلى القلق الاجتماعي والاكتئاب إذا لم يتم تلبية الاحتياجات الاجتماعية.
ويحذر باحثون في مجال المنصات الاجتماعية من استخلاص استنتاجات بشكل جازم بناءً على هذه النتائج. كـ جيف هانكوك، المدير المؤسس لـ مختبر ستانفورد للوسائط الاجتماعية، الذي ساهم في بحوث أظهرت أن الحساسية للمنصات الاجتماعية تختلف من شخص لآخر، ووصف هذه الدراسة بأنها "عمل معقد للغاية".
وختم، قائلا: "لسنا جميعًا متشابهين، ويجب أن نتوقف عن التفكير في أن الشبكات الاجتماعية هي نفسها للجميع".