هناك شبه اجماع داخل الرأى العام الإسرائيلى بأن المفاجأة المذهلة فجر يوم السابع من أكتوبر من حركات المقاومة الفلسطينية هى هزيمة لجيش إسرائيل الذين قالوا عنه "أحد أقوى جيوش الشرق الأوسط".
التوقعات حاليا من بعض كتابات كبار الصحفيين فى تل أبيب وفى أكبر الصحف الإسرائيلية تعيد للمشهد ما حدث بعد حرب أكتوبر 73 من " يوم الحساب" بعد أن تضع حرب الإبادة الحالية للشعب الفلسطينى أوزارها.. فمهما كانت نتائج الحرب الوحشية الدائرة حاليا وما سوف ينتج عنها من دمار وتخريب وقتل فلن يمحو عار ما حصل فجر السبت الماضى ويترتب عليه من لجنة تحقيقات جديدة مثل لجنة " اجرانات" التى تشكلت عقب حرب أكتوبر بشهر واحد فقط برئاسة رئيس قضاة المحكمة العليا شمعون اجرانات للتحقيق فى أسباب الهزيمة.
رؤوس كثيرة سيطاح بها بعد أن فشلت فى توقع المعركة واقتحام المستوطنات الاسرائيلية وقتل المئات وآسر العشرات واحتلال بعض المواقع لأكثر من نصف يوم كامل.
فى مقاله عقب إعلان إسرائيل عملية السيوف الحديدية يسخر الكاتب الإسرائيلى حاييم ليفنسون فى صحيفة هآرتس الاسرائيلية- وتعنى الأرض فى اللغة العربية- وهى من أوسع الصحف انتشارا هناك من اسم العملية ويقول "إن هذه ليست عملية السيوف الحديدية بل عملية اسقاط السراويل" بعد أن انتشرت صور الجنود وبعض القادة العسكريين الإسرائيليين وهم بملابسهم الداخلية فى قبضة المهاجمين الفلسطينيين، وهو اعتراف إسرائيلى جديد بالهزيمة.." فمهما حدث فى هذه الجولة من الحرب، فقد خسرنا بالفعل".. هكذا قال ليفنسون، وأضاف " إن نجاح حماس يعد حدثا استراتيجيا بالنسبة لدولة إسرائيل، فقد انهار الشعور بالأمان، وتمّ نقل الحرب بسهولة إلى الأراضى الإسرائيلية دون أى رد، وتم الكشف عن عُرى الجيش الإسرائيلي". "لن يعود المجتمع الإسرائيلى إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر".
كاتب آخر اسمه "جدعون ليفي" يكتب فى الصحيفة ذاتها ويعدد الاسباب التى دفعت الفلسطينيين إلى هذه الحرب بسبب " غطرسة إسرائيل"- حسب ما قاله- فقد رأت اسرائيل يوم السبت الماضى صورا لم تتوقعها فى حياتها، بسبب غطرستها واعتقادها بأنه مسموح لها أن تفعل أى شيء، وأنها لن ندفع ثمنا ولن تعاقب على ذلك أبدًا. "
ويواصل " لقد أثبت بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين أنه من المستحيل سجن مليونى إنسان إلى الأبد، دون دفع ثمن باهظ. وكما هدمت الجرافة الفلسطينية القديمة المدخّنة بالأمس الجدار، وهو الأكثر تطورًا بين كل الجدران والأسوار، الا انها مزقت أيضاً عباءة الغطرسة واللامبالاة الإسرائيلية. كما أنها مزقت فكرة أنه يكفى مهاجمة غزة بين المرة والأخرى بالطائرات الانتحارية بدون طيار، وبيع هذه الطائرات لنصف العالم، من أجل الحفاظ على الأمن".
"قرر الفلسطينيون فى غزة أنهم على استعداد لدفع أى شىء مقابل الحصول على لمحة من الحرية." ويتساءل ليفى" هل هناك رجاء من ذلك؟ لا. هل ستتعلم إسرائيل الدرس؟ لا."
الكتابات التى تعكس الخوف والقلق وربما الرعب داخل المجتمع الإسرائيلى لا ترى ما حدث سوى أنه هزيمة جديدة ولجوء قادة إسرائيل للاستنجاد بالولايات المتحدة الأمريكية بإرسال إحدى حاملات طائراتها وعلى متنها 5 آلاف جندى من المارينز وإمدادها بالأسلحة والذخائر المتطورة هو إحدى صور الفشل والهزيمة فى مواجهه حركات مسلحة غير نظامية.
التحذيرات من اقتراب حاملة الطائرات الأميركية وصل واشنطن بأن هذا التصرف الخطير قد يشعل حربا إقليمية ويقحم أطراف أخرى فى الحرب والسيناريوهات المزعجة من تداعيات هذه الحرب البشعة ضد الشعب الفلسطينى فى غزة تجعل الجميع مستعدا وجاهزا وواقفا على أطراف أقدامه.
والموقف الأمريكى والأوروبى عليه أن يراجع نفسه ويتحمل مسئوليته القانونية والإنسانية بالعودة الى جذور الأزمة الحقيقية- كما أكدت مصر وقائدها- فالحل لحالة الجنون العسكرى فى المنطقة هو خرق إسرائيل لكل المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية واستمرارها فى سياسة العدوان والاستيطان ضد الشعب الأعزل الذى يطالب بأبسط حقوقه فى العيش بسلام فى دولة مستقلة حدودها الرابع من يونيو 67.
هذا هو جوهر الأزمة ومهما كانت بشاعة الحرب الإسرائيلية الضارية الجارية حاليا ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، فقد جربت إسرائيل مرارا وتكرارا كافة أساليب الاعتداءات الوحشية المتكررة والقصف والهدم والتدمير طوال أكثر من 30 عاما وبقيت غزة صامدة .
وستبقى غزة لأنها تملك جدارة الحياة – كما قال الشاعر العربى الفلسطينى محمود درويش- وهو سلاح غزة فى الدفاع عن بقائها وفى استنزاف العدو وهزيمته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة