قديمًا قالوا: "أن تكون موضع حسد خيرٌ من أن تكون موضع شفقة"، فبالطبع مَنْ يُسْعده أن يكون محل شفقة الآخرين؟ فهذا الإحساس قاتل وخاصة لمَنْ يعتز بنفسه، ولا نختلف على أن هناك كثيرا من الناس يستمتعون بإحساسهم بالتباهي والتفاخر بما لديهم، ودائمًا ما يُريدون أن يحسدهم الآخرون على ما يملكون سواء من مال أو جاه أو سلطة أو غيرها من الإمكانيات التي حباهم المولى بها. فهذا الشعور يُسبب لهم حالة من الثقة بالنفس والزهو بها، ولكن هل هذا الإحساس دائمًا ما يكون صوابًا، أم بالقطع يعتريه بعض الخطأ؟
فللأسف، متابعة الناس لأي شخص، وحسدهم له، وتركيزهم مع سلوكياته وتصرفاته، بالقطع ستتسبب له في حالة من الشعور بالضيق، وتجعل حياته مشاعًا ً، علاوة على أضرار الحسد الذي لا يُمكن إنكاره، فلقد تم ذكره في القرآن الكريم، وتبعاته شديدة الإيلام، وعلينا أن نتذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان". ثم إننا في مرحلة نضج مُعينة سنصل مع أنفسنا إلى قناعة تامة بأن السعادة ليست في نظرة الناس وحسدهم، ربما قد نستمتع بها بعض الشيء، وربما نتمنى أن نظل في نظرهم موضع فخر وتباهي، ولكن السعادة الحقيقية تكمن في الإحساس بها، بغض النظر عن رأي الناس، فما لا يُدركه الكثيرون أن هناك بعض الناس يُوحي مظهرهم بالسعادة التامة، في حين أنهم بعيدون كل البُعد عنها، والعكس صحيح، فالمسألة داخلية وعميقة للغاية، لا تخضع للمظاهر الخارجية التي يُعول عليها الكثيرون.
فكلما ازددنا تعمقًا في فهم الحياة، سنُدرك أن نظرة الناس وآراءهم وأحادثيهم الجانبية لا تعني أي شيء، وليس لها أي تأثير حقيقي على مشاعرنا، أو ما نشعر به بيننا وبين أنفسنا، فكما نحرص على الاحتفاظ بأسرارنا وكتمانها وإخفائها عن الناس، علينا أن نحرص كل الحرص على الاحتفاظ بسعادتنا لأنفسنا دون الادعاء بعكسها، ولكن أيضًا دون محاولة بثها بشكل علني وكأنها خبر لابد أن يتداوله الناس ويتحاكون بشأنه، فالسعادة من الأمور اللصيقة بالشخصية التي ليست للنشر أو الإذاعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة