قبل نحو ثلاثة أعوام ونصف العام، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، يتفقد عناصر المنطقة الغربية العسكرية، بحضور القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس أركان القوات المسلحة، وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة؛ وهى الزيارة التى كانت تحمل رسائل حازمة وحاسمة لكل من تسول له نفسه مجرد التفكير فى الاحتكاك بأمن مصر القومى؛ فأثناء تفقده الوحدات المقاتلة للقوات الجوية بالمنطقة الغربية العسكرية، قال الرئيس السيسى: «الجيش المصرى من أقوى جيوش المنطقة ولكنه جيش رشيد، يحمى ولا يهدد، وقادر على الدفاع عن أمن مصر القومى داخل وخارج حدود الوطن».
كانت هذه رسالة للقاصى والدانى، ولكل من يظن أنه بإمكانه لى ذراع مصر أو العبث على حدودها، بينما يُخيل إليه أن القوات المسلحة المصرية يمكن أن تكتفى بالمشاهدة!
المتابع للمشهد المصرى بعد أحداث 2011 إلى قبيل تولى الرئيس السيسى رئاسة البلاد فى 2014، يعرف أن ما وصلنا إليه اليوم من أمن واستقرار داخلى، ربما كان من المستحيلات فى ظل بلد منهك ومؤسساته مفككة ولا توجد فى الأفق أى مؤشرات على عودته متماسكا قويا متجاوزا للعقبات والتحديات الجسام.
ورغم تأثر غالبية مؤسسات الدولة بما حدث فى يناير 2011 وعدم قدرتها على الصمود، إلا أن المؤسسة العسكرية المصرية العريقة ظلت قوية، وبذلت مجهودات جبارة للحفاظ على ما تبقى من مؤسسات؛ وفى عهد الرئيس السيسى كان الاعتماد على هذه المؤسسة العريقة فى التئام جراح الوطن، ومعاونته على تجاوز الأزمات ومواجهة الأخطار، لم يكن رفاهية، بل كان واجبا مقدسا؛ فتحملت القوات المسلحة أعباء إضافية وأسندت لها مهمة المساهمة فى التنمية وعودة مصر على الخريطة مرة أخرى، وقد ضربت قواتنا المسلحة - كما عهدناها - أروع الأمثلة فى البذل والعطاء، لتؤكد أن رهان القيادة السياسية لم يكن ترفا، كيف لا والرئيس السيسى هو ابن هذه المؤسسة المصرية العريقة، وأكثر القادة معرفة بإمكانياتها الهائلة، وسرعة إنجازها لكل ما يطلب منها لصالح الوطن بمنتهى الكفاءة والإخلاص.
وبالعودة إلى المشهد بعد 2011، ظل المصريون يعانون من عدم الأمن والاستقرار، لا اطمئنان على أبنائهم ولا على ممتلكاتهم، وظهرت عصابات تخويف المصريين وتروعهم، وقد تضاعفت حوادث القتل والخطف والسرقة، حتى بعد وصول جماعة الإخوان الإرهابية للسلطة، لم تنجح فى عودة الأمن والاستقرار مرة أخرى، بل إن أعضاءها والمنتمين لها كانوا يهددون المصريين ويساومونهم على أمنهم ومستقبلهم بين الحين والآخر.
وعندما تم انتخاب الرئيس السيسى بعد ثورة 30 يونيو الشعبية العظيمة، وبمجرد مباشرة مهامه من قصر الاتحادية، عكف على حل هذه المعضلة، لأنه بدون أمن واستقرار داخلى لن توجد تنمية وازدهار وعبور نحو المستقبل؛ كما كان دعم الرئيس السيسى لجهاز الأمن الداخلى واضحا منذ اللحظة الأولى لحكمه، حتى يستعيد قوته ودوره فى بسط الأمن والاستقرار داخل ربوع الوطن؛ كما كانت تعليماته الدائمة باحترام حقوق الإنسان واحترام دولة القانون وعدم تغول السلطة التنفيذية كمان كان يحدث قبل 2011، ومن ثم حرصت وزارة الداخلية على اتباع وتنفيذ تلك التعليمات بكل عزم.
وما يثبت ذلك، ما جاء على لسان اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، فى مؤتمر «حكاية وطن» بالعاصمة الإدارية الجديدة، عندما قال إن الارتقاء بحقوق الإنسان كان محل اهتمام من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من أساسيات عمل سياسات وزارة الداخلية، كما أصبح جزءا من مناهج التدريس والفرق التدريبية، وهى ثقافة حقوق الإنسان، ووفقا لتعليمات الرئيس فى قواعد التعامل مع ذوى الإعاقة غير المرئية، مؤكدا تيسير كل الخدمات لكبار السن وذوى الهمم.
كما أشار وزير الداخلية، إلى أن مراكز الإصلاح والتأهيل تجربة مصرية رائدة، إذ أنه كان لدينا 48 سجنا عموميا منتشرة فى مختلف محافظات مصر، ومعظم هذه السجون قديمة يصل عمر بعضها إلى أكثر 100 سنة، وكنا نبذل جهودا جبارة من أجل الحفاظ على السجين خلال فترة عقوبته، ونحول دون أن يزداد إجرامه حتى يخرج عنصر صالح فى المجتمع، وكان لنا نجاحات فى هذا المجال؛ وصدرت توجيهات الرئيس السيسى بضرورة إنهاء هذه المشكلة، وتحويل تلك المؤسسات العقابية إلى مؤسسات نافعة، بهدف زيادة فرص خروج المواطنين الذين يؤدون عقوبتهم، ليكونوا عنصرا صالحا فى المجتمع أكثر من أن يخرجوا على مستوى الفكر الإجرامى الذى كان فيه.
ويمكن تلخيص إنجازات الرئيس السيسى، فى تحقيق الأمن والاستقرار فى تسع سنوات منذ ممارسة عمله رئيسا للجمهورية فى عدد من المؤشرات، أولها: «الحرب ضد الإرهاب»، حيث خاضت الشرطة المصرية حربا ضروسا ضد الإرهاب، وملاحقة فلوله، من خلال الضربات الاستباقية القوية، واستهداف أوكار الإرهاب، وتفكيك الخلايا الإرهابية، حيث نجحت وزارة الداخلية فى تطهير 57 بؤرة إرهابية، وضبط 192 قطعة سلاح آلى ورشاش وقاذف آربى جى وطبنجات و50 عبوة تفجير وقنابل وأحزمة ناسف ومعمل لتصنيع العبوات الناسفة.
ثانيا: الجهود الأمنية لم تتوقف عند ملاحقة الإرهاب فقط، وإنما حاصرت الجريمة الجنائية، ووجهت حملات موسعة استهدفت كل صور الخروج على القانون، وضبط حائزى السلاح والمخدرات وتنفيذ الأحكام، لتحقيق الردع العام، وساهم بشكل كبير فى تقليص حجم الجرائم الجنائية بشكل لافت للانتباه.
ثالثا: ساهمت الجهود الأمنية، فى عهد الرئيس السيسى، فى حماية الاقتصاد الوطنى، من خلال حملات ضخمة وموسعة لا تتوقف، لاستهداف جرائم الأموال والتهرب الضريبى وسارقى الكهرباء وغيرها من الجرائم، حيث نجحت فى ضبط قضايا أموال عامة بقيمة 4 مليارات و584 مليون جنيه، تم ضبطها نقدا، و4 مليارات و227 مليون جنيه قيمة تقديرية ومستندية أخطرت الجهات القضائية بها لاتخاذ الإجراءات القانونية، واستهدفت الحملات الأمنية الأسواق لمراقبتها وضبط الأسعار، ونجحت فى ضبط 349122 قضية تموينية و200821 أسطوانة بوتاجاز و38 مليون لتر مواد بترولية، و795 طن غاز و233 طن زيوت، و40 ألف طن دقيق وأقماح مدعمة، و1892 طن سلع تموينية مدعمة و56 ألف طن سلع مغشوشة.
رابعا: خاضت الشرطة حربا حقيقية ضد أباطرة وتجار المخدرات، من خلال حملات مكثفة لضبط تجار المخدرات وتجفيف منابع التهريب، وكشف كل وسائل التهريب، وتوجيه حملات بمحيط المدارس والجامعات والمقاهى، حيث وجهت مكافحة المخدرات حملات أمنية موسعة، استهدفت الخارجين على القانون.
خامسًا: تطوير مراكز الإصلاح والتأهيل، فى ضوء سعى الدولة نحو مواكبة آفاق التحديث والتطوير التى تشهده بكل المجالات، وتنفيذا لمحاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى عبرت الدولة المصرية من خلالها عن ثوابتها الراسخة فى احترام الحقوق والحريات وتهيئة حياة ومعاملة كريمة لجميع المواطنين.
ما تحقق فى ربوع الوطن من أمن واستقرار، ما كان ليحدث إلا من خلال قيادة وطنية واعية لديها قدرة هائلة على التخطيط، وإدراكا منها بحجم التحديات والتهديدات والمخاطر التى تحيط بالوطن، لذلك كانت الأولوية لصانع القرار هو تحقيق الأمن والاستقرار واحترام القانون وحقوق الإنسان كمبادئ أساسية، ومن ثم كل ذلك سيضمن دوران عجلة التنمية وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى أغلب المجالات والقطاعات، والوصول بمصر إلى بر الأمان.
إن الرئيس السيسى عبر بمصر إلى بر الأمان عبر مشاريع تنموية تؤسس لجمهورية جديدة تحمى مكتسبات الدولة المصرية؛ واجتازت بقيادته خلال التسع سنوات الماضية المحاولات التى استهدفت إسقاط الدولة ونشر الفوضى وتفتيت وحدة النسيج المجتمعى.