مؤكد أن الكيان الإسرائيلى تحول من سياسة إدارة الصراع مع المقاومة الفلسطينية إلى الإصرار على تصفية القضية الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى، وذلك من خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة وشن حرب إبادة على قطاع غزة، لممارسة الضغط على خروج المدنيين من القطاع قسرا، واعتقادى أن إصرار الجيش الإسرائيلى يأتى من منطلق الانتقام وحفظ ماء وجه الكيان بعد الفشل فى صد هجوم 7 أكتوبر وما ألحقه من إهانة للجيش والأجهزة الاستخباراتية، إضافة إلى الدعم المفتوح من قبل الولايات المتحدة والغرب.
وظنى أن الأمر ما زال يبقى فى أيدى المقاومة والفلسطينيين بالتمسك بالصمود والدفاع عن وطنهم وأرضهم وأن لا يكرروا سيناريو ١٩٤٨، وأن لا يقعوا فى فخ التهجير وينخدعوا بتصريحات حق العودة فور انتهاء الأزمة.
لذلك، أعتقد، أن الخيار الذى ستلجأ إليه إسرائيل حال صمود الفلسطينيين والمقاومة هو الاستمرار فى القصف العشوائى حتى تتمكن من تدمير وشل قدرات المقاومة عسكريا وسياسيا، ثم تلجأ إلى فرض حصار خانق على القطاع وعلى الفلسطينيين لتصدر للمواطن الإسرائيلى انتصارا بالقدرة على الانتقام من المقاومة، لذا الولايات المتحدة والغرب يراوغون بهدف منح إسرائيل فرصة لتحقيق أهدافها حتى ولو قتلت الأطفال والنساء وارتكبت جرائم إنسانية.
أما استجابة إسرائيل لدعوات الإغاثة ومراعاة الجوانب الإنسانية، أعتقد أن الكيان - حال الموافقة- سيلجأ إلى توظيف هذا لصالحه أمام المجتمع الدولى، ولن يلتفت إليه إلا كمساومة من خلال اتباع سياسة خطوة إنسانية مقابل خطوة إنسانية، ما يعنى أنه لا موافقة على وصول مساعدات للقطاع أو ممرات إنسانية إلا بتحرير الأسرى والرهائن، وبهذا تتمكن إسرائيل من حرق ملف الأسرى للمقاومة، والدخول فى مفاوضات تبادل أسرى أو تنازلات.
وأخيرا.. أيا كان الخيار، فكلها خيارات مقلقة، لأن ما يحدث فى فلسطين حرب إبادة ومحاولة للتطهير العرقى وتصفية للقضية الفلسطينية، لذا على الفلسطينيين أن يدركوا أن ليس أمامهم إلا الصمود والتمسك بالأرض والتوحد والاصطفاف إلى أن يكتب الله أمرا كان مفعولا، وعلى العرب التضامن والتكاتف مع مصر لمنع تحقيق مخططات التصفية خاصة أنهم يمتلكون كثيرا من مقومات المواجهة، وعلى المجتمع الدولى أن يتحلى بمسؤولياته تجاه الأشقاء الفلسطينيين بالتخلى عن سياسة ازدواجية المعايير، لأن ترك الجنون الإسرائيلى فقطعا سيؤدى إلى حرب مفتوحة أو إقليمية ستهدد الأمن والسلام الدوليين ليس فى منطقة الشرق الأوسط، وإنما فى العالم كله.