قمة القاهرة للسلام تأتى في وقت مهم للغاية في ظل تفاقم التصعيد في غزة والتعنت الإسرائيلي الفج الذى لا يراعى الإنسانية ولا قرارات الشرعية الدولية، لذا أنظار العالم كله تتجه اليوم صوب مصر في سعيها الدؤوب منذ بدء القتال لإيجاد أفق سياسي يُعيد إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويحقن دماء الفلسطينين.
وأعتقد أن فرص نجاح قمة القاهرة للسلام رهينة بمواجهة تعنت إسرائيل بشأن ملف المساعدات الإنسانية وإصرارها على فرض حصار خانق على القطاع بهدف الانتقام من المقاومة، ورهينة أيضا بتبديد الخلافات بشأن تنفيذ مخطط تهجير سكان غزة إلى سيناء كمرحلة أولى تليها مرحلة أخرى وهى تهجير سكان الضفة إلى الأردن كما يخطط الكيان المحتل.
لذلك أعتقد أن قمة القاهرة للسلام ستضع العالم والمجتمع الدولى أمام مسئولياته الأخلاقية فى ظل سعى إسرائيل نحو استثمار عملية طوفان الأقصى، وتحويل ما حدث فى غلاف غزة إلى فرصة سانحة لتحقيق أكبر المكاسب لصالح طموحاتها وأهدافها، والتى تأتى على رأسها تصفية القضية الفلسطينية مُستغلة الدعم الغربى وحماية الولايات المتحدة الأمريكية، لذا فإن الكيان الإسرائيلى يحاول – بكل الطرق - كسب الوقت لتنفيذ ما يُريد، والمؤسف أن الولايات المتحدة والغرب وذراعهم القانونى "مجلس الأمن" الذى رفض قرارين لوقف إطلاق النار يمنحون هذا الوقت لإسرائيل لتحقيق ما تريد في تواطئ واضح ومفهوم أسبابه الخبيثة.
وهنا تأتى أهمية انعقاد قمة القاهرة للسلام ، حيث إنها من الممكن أن تكون فرصة للمجتمع الدولى والغرب للتخلى عن الدعم الأعمى للاحتلال، وفرصة أيضا لإعادة طرح الحل السياسي العربي لإقامة الدولتين بحدود 1967، خاصة أن العرب سيتحدثون بصوت واحد يُنذر العالم أجمع بأنه لا بديل عن إقامة دولة للفلسطينين مُستقلة من أجل الوصول إلى حل نهائي يرضى كافة الأطراف، إضافة أن قمة القاهرة للسلام ستكون بمثابة فرصة حقيقية للضغط من أجل إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة خاصة أن الوضع أصبح كارثى بمعنى الكلمة وفاق كافة التصورات، وكذلك إيقاف القصف الإسرائيلي العشوائى الذى لا يستثنى أحدا حيث يتم هدم المنازل على رؤوس المدنيين، وارتكاب المجازر وجرائم الحرب وقصف مستشفى المعمدانى نموذج واضح وضوح الشمس، وفرصة أيضا للتوصل لاتفاق أو آلية حتى ولو برعاية دولية لإعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات للنظر ماذا بعد الحرب على غزة وما هو مصير القطاع؟.
لذا، يجب على الفلسطينيين اغتنام تلك الفرصة وتوحيد الصف وإنهاء الانقسام وإعلاء مصلحة فلسطين فوق كل اعتبار لتحقيق حلم إقامة الدولة المنشودة، وعلى المجتمع الدولى أيضا أن يتعاون مع مصر والعرب على محاصرة تلك الحرب وإنهائها ومنع تمددها، لأنه حال اتساع تلك الحرب ودخول أطراف جُدد مؤكد أن الأمر سينعكس سلبيًا على المنطقة برمتها بل على العالم أجمع.
وأخيرا.. يجب أن تعى إسرائيل أن إصرارها على تدمير قطاع غزة سيؤدى إلى دخول الجماعات المختلفة أو ميلشيات إقليمية للتصدي لإسرائيل، فقطعا تفريغ تلك المنطقة سيكون وبالا على الكيان المحتل وليس العكس كما يتخيلون، إضافة إلى أن استمرار الاحتلال على موقفه المتعنت يُنذر بحرب مفتوحة في الإقليم لا يعلم مداها إلا الله.. والكل وقتها سيدفع الثمن..