شهدت العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع، تطالب بإقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإفراج عن الأسرى في غزة.
ووفقا لتقارير عبرية، طالب المتظاهرون بتحرير الرهائن الإسرائيليين الذين أسرتهم المقاومة الفلسطينية خلال عملية طوفان الأقصى، وفشلت الحكومة الإسرائيلية في استعادتهم حتى الآن، حيث اعتبر المتظاهرون أن ما جرى فشل أمني، محملين نتنياهو المسؤولية، مطالبين باستقالته.
وبعد أسبوعين على بدء الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس على مستوطنات في غلاف غزة، وتفجر مواجهات عنيفة وقصف إسرائيلي مكثف على القطاع ، يسود في تل أبيب شعور بعدم الاطمئنان.
فعلى الرغم من أن الوضع في تل أبيب يبدو طبيعيا للوهلة الأولى، إلا أن سكان المدينة الإسرائيليين يعربون عن صدمتهم لشعورهم فجأة بأنهم "عرضة للخطر" وعن فقدان الثقة بـ"المنظومة الأمنية"، وفق فرانس برس.
لا سيما أن صفارات الإنذار تدوي مراراً يومياً في أرجاء المدينة، جراء رشقات صاروخية تطلقها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة الواقع على بعد حوالي ستين كيلومترا إلى الجنوب.
وفيما أكد خبير البرمجة المعلوماتية عوفر كادوش البالغ من العمر 46 عاماً أن الثقة فقدت بالمسؤولين الأمنيين، قائلا "فقدنا الثقة بمنظومتنا الأمنية.. كيف لا؟."
وأضاف "استعادة هذه الثقة ستحتاج إلى وقت طويل... وبانتظار ذلك سأشتري سلاحا.
وكذلك، أعرب ميشال حداد وهو فرنسي إسرائيلي يبلغ 63 عاما أتى من مرسيليا في مطلع الثمانينات للإقامة في إسرائيل، عن شعوره بالخطر وانعدام الثقة.
وقال: "لم أفكر قط أنه سيحل يوم أفكر فيه أن أحدا في عائلتي سيشتري سلاحا بغرض الحماية".
كما أكد أنه منذ السابع من أكتوبر تنام ابنته مع سكينتين على الطاولة المجاورة لسريرها فضلا عن عصا بيسبول، ولا تتوقف عن التحقق من أن بابها موصد بإحكام وتراقب الشارع من شقتها في الطابق التاسع.
ووسط تلك الأجواء، ينتشر جو من الشائعات عن هجمات محتملة، ما دفع الشرطة والناطق باسم الجيش الجنرال دانيال هاغري إلى توجيه نداء إلى السكان لالتزام الهدوء وعدم الاكتراث بما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن العديد من السكان لم يأبهوا لهذا التطمين، واشتروا ألواح خشب لتدعيم أبواب مداخل شققهم ومنازلهم وعدم السماح بفتحها من الخارج.
وفيما أقر مجلس النواب الإسرائيلي إجراءات قانونية جديدة لتسليح المدنيين، كشفت جلسة برلمانية أنه منذ 7 أكتوبر تقدم نحو 41 ألف إسرائيلي بطلب رخصة حيازة سلاح في مقابل ما معدله 38 ألفا سنويا
وفي السياق، وبينما يشن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حربه في غزة، يخوض في الوقت ذاته معركة لإنقاذ منصبه وإرثه في تل أبيب.
فـ"الملك بيبي" كما يطلق عليه، الذي يعد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في الحكم في تاريخ البلاد، والذي طالما تباهى بأنه حقق الأمن والرخاء لإسرائيل، يجد نفسه في موقف حرج للغاية مع توجيه كثيرين انتقادات لاذعة لحكومته لما اعتبروه إخفاقات أمنية واستخبارية في مواجهة هجمات "حماس" التي وصفها مسؤول إسرائيلي بأنها "11 سبتمبر" بالنسبة لبلاده.
وكان أعلن حزب الليكود بزعامة نتنياهو أن جميع شركاء الحزب في الائتلاف الحاكم وافقوا على توسيع الحكومة لتشمل سياسيين معارضين، وذلك بعد أن دعا نتنياهو إلى تشكيل حكومة وحدة على غرار الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ليفي أشكول عشية حرب عام 1967 مع مناحيم بيجن.
ورغم أن زعيم المعارضة يائير لابيد وافق على الانضمام إلى حكومة الطوارئ التي دعا إليها نتنياهو لإدارة الحرب، ورغم تأكيده على تنحية جميع الخلافات مع رئيس الوزراء جانبا، إلا أنه لم يتوان عن التشديد على أنه لكي تكون هذه الحكومة فعالة؛ ينبغي ألا تكون الأطراف الأكثر تشددا وتطرفا في إسرائيل جزءا منها، في إشارة إلى بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية وإيتمار بن غفير زعيم حزب عوتسما يهوديت، وهما حزبان يمينيان متطرفان.
وما إن اندلعت الأزمة حتى علت الأصوات التي تحمّل نتنياهو المسؤولية الكاملة عما حدث، ورغم أن الإخفاق استخباراتي وعسكري، لكن كثيرين يرون أن هذا لا يعفي نتنياهو من مسؤوليته الشاملة عن الأزمة، كونه المقرر الأعلى في شؤون خارجية وأمن إسرائيل.
ورأى بعضهم أن رئيس الوزراء وبعد فوزه في الانتخابات الأخيرة تبنى سياسة "يمين 100 في المئة" وفقا لصحيفة هآرتس، وهو ما قاد إلى تفجر الأوضاع ومنح الفرصة لحماس لتنفيذ هجومها المباغت، على حد قول الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو المتهم بثلاث قضايا فساد، لا يمكنه الاهتمام بشؤون الدولة، لأن المصالح القومية ستُسخّر، بطبيعة الحال، لإنقاذه من الإدانة والسجن.
وقبل الهجمات، كان الشارع الإسرائيلي غاضبا بالفعل بسبب قانون التعديلات القضائية المثير للجدل، الذي يحد من صلاحيات المحكمة العليا في إسقاط قرارات الحكومة وتعييناتها على أساس أنها لا تلبي معايير المعقولية.
وأدى ذلك إلى حالة استقطاب شديدة ما تسبب في واحدة من أخطر الأزمات المحلية في تاريخ البلاد.
وتعمقت الأزمة بعد أن تعهد الآلاف من جنود الاحتياط، من ضمنهم طيارون في سلاح الجو - المهم جداً لقدرات إسرائيل الهجومية والدفاعية - بعدم التطوع في الخدمة العسكرية، ما أثار المخاوف من التأثير المحتمل على استعدادات إسرائيل العسكرية.
اللافت هو انهيال الانتقادات على رئيس الوزراء الإسرائيلي من مختلف التيارات السياسية في البلاد، فقد نسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أميت سيغال، المعلق السياسي الإسرائيلي الذي وصفته بأنه أحد الصحفيين المقربين من نتنياهو قوله إن رئيس الوزراء "لا يمكنه الفرار من إخفاقه الممنهج وسياسة التسامح مع حماس من أجل تحقيق الاستقرار في غزة".
وعبر ستيوارت وايس في مقال في صحيفة جيروسليم بوست عن وجهة نظر مشابهة، حيث كتب أن صفقة مبادلة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بأكثر من 1000 سجين فلسطيني هي التي "غرست بذور الكارثة الحالية... في تلك اللحظة، أدركت حماس أن أخذ رهائن يهود هو الطريقة الأضمن لانتزاع تنازلات من إسرائيل ومواصلة أساليبهم الدموية".
أما شلومو بن عامي، وهو سياسي ومؤرخ إسرائيلي ووزير الأمن الداخلي السابق في حكومة إيهود باراك، فكتب في صحيفة لوس أنجليس تايمز أنه "باستبعاد أي حل سياسي في فلسطين والتأكيد..على أن للشعب اليهودي الحق الحصري في كامل أرض إسرائيل، فإن حكومة نتنياهو المتعصبة جعلت سفك الدماء نتيجة حتمية".
وبينما أقر بأنه كانت الدماء تراق أيضا في عهد شخصيات تنشد السلام مثل إسحق رابين وإيهود باراك، إلا أنه أوضح أن "استهتار نتنياهو المتمثل في تقديم أي ثمن لشركائه في الائتلاف مقابل دعمهم أدى إلى العنف... وفي الوقت ذاته، همش السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالا برئاسة محمود عباس في الضفة الغربية، معززا بذلك قوة حماس المتطرفة في غزة".
وبدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في مقابلة مع القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني إن هجمات حماس كانت "نتيجة لغطرسة الحكومة الحالية".
وأضاف أن "رئيس الوزراء في نهاية المطاف مسؤول عن أي شيء يحدث وأي شيء لا يحدث، وهو [نتنياهو] مسؤول على وجه الخصوص لأنه ضم إلى حكومته شركاء شوفينيين متعصبين وحشيين، وجعلهم مسؤولين عن الأمن الوطني".
وزير الدفاع الليكودي السابق موشيه يعلون كتب في منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن نتنياهو يجب أن يدفع ثمن فشله وطالبه بالاستقالة.
لكن غالبية المحللين يرون أن نتنياهو سيظل في منصبه لبعض الوقت، على الأقل إلى الانتهاء من الحرب التي أعلنتها إسرائيل على حماس.
ويرى محللون أن الطريقة التي ستنتهي بها الحرب الحالية ستحدد مدى الضرر الذي سيلحق بحكومة نتنياهو ومستقبله السياسي، في حين أن آخرين، مثل الكاتب في صحيفة وولستريت جورنال، ويليام أيه غلاستون، يعتقدون أن "هجمات حماس تمثل بداية النهاية بالنسبة لبنيامين نتنياهو".
ويبدو أنه بغض النظرعن الطريقة التي سينهي بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأزمة الحالية، فإنه مما لا شك فيه أن تأثيرها على مستقبله السياسي لن يكون جيدا.
يضيف سيجال: "لا أعرف التوقيت بالضبط، ولكن سيكون من الصعب عليه للغاية الاستمرار في الحياة السياسية".
وتقف “إسرائيل” اليوم على حافّة أزمة جدّيّة، وذلك مع تزايد عدد المظاهرات التي يتم تنظيمها بشكل شبه يومي في تل أبيب، حيث وصلت الاحتجاجات إلى منزل نيتنياهو ، وتحوّلت إلى الموضوع الأكثر تداولًا في الإعلام الإسرائيليّ.
ويستمر المئات من ذوي الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» في التظاهر بالعاصمة تل أبيب، للمطالبة بإطلاق سراح المختطفين في غزة واستقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتهمونه بـ«الفشل الذريع".
وتظاهر مئات من ذوي الرهائن الإسرائيليين، ليل (السبت)، أمام وزارة الدفاع في تل أبيب، حاملين صور أقاربهم الذين خطفتهم عناصر حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى في الهجوم الذي شنته على مناطق بغلاف غزة في 7 أكتوبر الحالي.
ومنذ الهجوم المباغت، ينفذ عشرات الإسرائيليين اعتصاماً متواصلاً أمام مقر وزارة الدفاع، متعهدين مواصلة تحركهم إلى حين استقالة نتنياهو، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم، إن إسرائيل تأكدت من احتجاز 212 رهينة في غزة.
وحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها «حرروا الرهائن... أوقفوا إطلاق النار»، ورددوا هتافات تدعو لتحرير الرهائن.
وقالت قريبة جندي إسرائيلي محتجز، طلبت عدم الكشف عن اسمها، خلال مشاركتها في المظاهرة: «نحن متأثرون جداً بسبب وضعه (الجندي المحتجز)، هنالك فيديو يظهر فيه وهو مخطوف، وضعه الصحي جيد، وهو في غزة ثم انقطعت أخباره ولا نعلم عنه شيئاً. نطلب من الحكومة أن تعيد جنودنا لأنهم يقدمون كل ما في وسعهم لهذا البلد. نحن لا نعرف ما إذا كان الصليب الأحمر هناك وقدم له العلاج، أم لا، نحن لا نعرف شيئاً عن وضعه، نريد أن يعود الجميع إلى بلدنا" .
وترى منى هانوك (58 عاماً)، أن «كل هؤلاء الناس (الرهائن) يجب أن يعودوا إلى ديارهم... لقد فشلت هذه الحكومة فشلاً ذريعاً... جميع هؤلاء المختطفين (...)، الأمر لا يطاق». بدورها، ترى سيندي كوهين (65 عاماً) أنه «يجب على نتنياهو أن يرحل بالتأكيد... كان ينبغي عليه أن يفعل ذلك قبلاً... لقد تخلى عن بلاده». أما يائير ديكمان (63 عاماً) فيقول: «لا أستطيع تقبّل فكرة أنّ رجلاً يواجه 3 محاكمات (بتهم فساد) هو المسؤول عن شؤون الدولة. لقد اختُطفت بلادنا من جانب حكومة غير شرعية. لن أرتاح قبل أن يرحل".