ما يحدث الآن بشأن تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلى في ظل دعم أعمى من قبل الولايات المتحدة والغرب لجيش محتل لا يعترف بقواعد وقوانين الحرب، ولحكومة تحمل برنامج التطرف والعنصرية يزيد من تعقيد الأزمة وتشابك دوائر الصراع، لذلك ندق ناقوس الخطر فى مقالنا اليوم، لأن ترك إسرائيل تفعل ما تشاء وتنتقم من مقاومة تدافع عن أرضها، وتنتقم من شعب لا يريد إلا أن يعيش فى سلام وأمان فى وطنه وعلى أرض أجداده جريمة كبرى لن ينساها التاريخ، ووصمة عار لمجتمع دولى يتشدق دائما بالانسانية والديمقرواطية وهو عاجز عجز الضعيف المنهزم الذى لا قرار له ولا حكم وإنما هو تابع يقاد لا يقود.
لذا، فإن ترك إسرائيل دون ردع قطعا يدفعها إلى مواصلة الانتهاكات والقتل والدمار فى غزة وفى كل المدن الفلسطينية فى مشهد يُبرهن على الهمجية الصهيونية وإرهابها وعنصريتها البغيضة، بل سيؤدى حتما إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة ككل مما يُنذر باضطرابات في المستقبل، ويجعل الأمور أكثر سخونة، ويُقلل من احترام مسارات السلام والتفاوض.
نعم يقلل من احترام مسارات السلام والتفاوض، لأنه ببساطة الشعب الفلسطينى ليس لديه ما يخسره فلن يبخل بدمائه أبدًا، خلاف أن هذا يٌنذر باشتعال المنطقة ككل لأنه في ظل الاستقطاب العالمى الحادث الآن، فسيعمل كل قطب على توظيف القضية الفلسطينية لخدمة صراعه الرئيسى وهنا مكمن الخطر الحقيقى.
بل أقول، إن ترك إسرائيل دون ردع قطعا إلى استحالة مبدأ "حل الدولتين" لأن التداخل السكاني بين الشعبين الفلسطيني واليهودي نتيجة التوسع في الاستيطان لا يمكن ترسيمه جغرافياً، وأن الهوية الوطنية لا يمكن طمسها بالتجنيس، وبالتالي فإن مشروع حل الدولتين الذى يعترف به العالم أجمع منذ تم طرحه في الأمم المتحدة عام 1947، والذى قام على أساسه اتفاق أوسلو 1994، سيصبح من المستحيلات.
إذن.. فإن من العبث أن تترك قوة محتلة غاشمة وحكومة متطرفة تقتل شعبا أعزل ذنبه أنه يدافع عن شرف أرضه وعزة وطنه، وترك جيش محتل يدمر مقدارات بلد وهو فى حماية قوة عظمى مصلحتها قائمة على تأجيج الصراع، والاستثمار فى الأزمات.. لكن تبقى الحقيقة المؤكدة أن الحق حق، والباطل باطل مهما طال الزمن وزادت المعاناة..