لأكاذيب الغرب مناسبات عدة ، ولتضليل الرأي العام رموز يسكنون واشنطن وعواصم أوروبية.. هذا ما يشهده الرأي العام العالمي الآن في الحرب السابعة التي يقودها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة، وهي الحرب التي لم تجد معياراً واحداً للحياد والنزاهة في تغطيتها عبر شاشات وصحف الإعلام الغربى، أو علي لسان مسئولي إدارة بايدن وغالبية نظرائهم الأوروبيين.
وانتقد تقرير لمنظمة "نيو هيومانيتاريان" الحقوقية ومقرها سويسرا، أداء الإعلام الغربي وتغطيته للأحداث في قطاع غزة، مؤكداً أنه لا يري المعاناة الإنسانية للفلسطينيين ، "لأن الاستعمار والتفوق الأبيض والتمييز الديني لا تزال هي العدسة المهيمنة التي تنظر من خلالها الدول والمؤسسات والشعوب ووسائل الإعلام في الغرب إلى العالم على الرغم من المصالح الجيوسياسية".
وبحسب التقرير، تغافلت وسائل الإعلام الغربية أن الحكومة الإسرائيلية كانت مسئولة عن قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب، وقبل 7 أكتوبر قتل 3803 مدنيين فلسطينيين - مقارنة بـ 177 مدني إسرائيلي - منذ عام 2008.
وذكر التقرير أن العديد من الضيوف الفلسطينيين الذين أجريت معهم مقابلات على شاشات التلفزيون الأمريكي أو البريطاني يطالبوا بشكل مسبق إدانة حماس كتذكرة دخول إلى المحادثة، في حين لا يطلب من الإسرائيليين محاسبة حكومتهم على جرائمها.
وكما رد حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية إلى المملكة المتحدة، لبي بي سي عندما طُلب منه إدانة حماس: "كم مرة ارتكبت إسرائيل جرائم حرب أمام كاميراتكم؟ هل تبدأ بمطالبتهم بإدانة أنفسهم؟".
حرب المعلومات
وعند الإشارة إلى الانفجار الذي وقع في المستشفى المعمداني في غزة والذي أدى إلى مقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يحتمون، حرصت معظم وسائل الإعلام على الإشارة إلى أن مصدر الانفجار غير واضح. لكن العديد من وسائل الإعلام نفسها نشرت قصصاً على الصفحات الأولى تتضمن تقارير لم يتم التحقق منها عن قيام حماس بقطع رؤوس الأطفال وهو ادعاء كاذب كرره بايدن ثم اعتذر البيت الأبيض عنه لاحقا.
وفي الفترة التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق، كانت الادعاءات الكاذبة بأن صدام حسين كان لديه أسلحة الدمار الشامل ـ والتي تضخمت بشكل خاص من جانب الزعماء الغربيين ووسائل الإعلام الغربية ـ كانت سبباً في جعل قتل العراقيين الأبرياء أمراً أكثر قبولاً.
وأشار التقرير الى إن المعلومات الخاطئة المنتشرة على نطاق واسع حول الأطفال مقطوعة الرأس في إسرائيل لها نفس التأثير تمامًا: فهي تجعل قتل الفلسطينيين أكثر قبولاً.
في أعقاب أعمال العنف في إسرائيل وغزة، تم طرد ثلاثة مذيعين مسلمين في قناة MSNBC - أيمن محيي الدين، وعلي فيلشي، ومهدي حسن - من مهامهم ، وقالت الشركة الأم NBCUniversal إن هذه التحركات كانت "مصادفة".
وبعدها بأيام، قالت صحيفة الجارديان إنها لن تجدد عقد رسام الكاريكاتير ستيف بيل، بعد سحب رسمه الذي يظهر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكتب بيل على منصة التواصل الاجتماعي X: "أصبح من المستحيل تقريبًا طرح هذا الموضوع لصحيفة الجارديان".
وتقوم بي بي سي العربية بالتحقيق مع ستة من صحفييها بسبب تغريدات كتبوها عن الصراع. حتى إنستجرام وميتا متهمتان بفرض رقابة على المحتوى المؤيد للفلسطينيين ونفذت كل من جوجل وآبل طلب من الجيش الإسرائيلي بوقف خدمات الخرائط في غزة.
مشكلة إنسانية
وقال التقرير إن هناك تعمد لتصوير الفلسطينيين على أنهم أقل استحقاقا للتعاطف لأنه ينظر إليهم على أنهم أقل من مجرد بشر، على سبيل المثال عندما تقتبس صحيفة بوليتيكو من الوزراء الإسرائيليين قولهم إنهم يقاتلون "حيوانات بشرية" - وهو ما يعكس وصف النازيين لليهود بأنهم "فئران" قبل المحرقة - يساهم في تجريد الناس من إنسانيتهم مما يجعل قتلهم أسهل.
وترى العديد من وسائل الإعلام الغربية أن حياة الفلسطينيين والسوريين أقل أهمية من حياة الإسرائيليين والأوكرانيين لأنهم يخضعون لتراث التفكير الاستعماري والعنصري الأبيض وتثبت التغطية العنصرية للحرب في أوكرانيا هذه النقطة.
وصور الصحفيون الغربيون الأوروبيين "ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرقاء" الذين قتلوا في أوكرانيا على أنهم أسوأ من أي مكان آخر وقال أحد كبار مراسلي شبكة سي بي إس الأجنبية على الهواء مباشرة إن أوكرانيا "ليست مكانا، مع كل الاحترام الواجب، مثل العراق أو أفغانستان، شهد صراعا مستعرا لعقود من الزمن .. إنها مدينة متحضرة نسبياً، وأوروبية نسبياً...، مدينة لا تتوقع فيها ذلك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة