وفق الأحداث الملتهبة التى تعيشها المنطقة حاليا، وسُحب المخاطر التى تغطى الإقليم كله، وتنذر بأعاصير وسيول مدمرة، كانت فطنة القيادة السياسية الحالية، وقدرتها على قراءة المشهد، مبكرا، واستشراف المخاطر، سابق بمراحل، لقدرات الذين نصبوا أنفسهم، خبراء استراتيجيين، يتحدثون بأسلوب رائع، ويستخدمون مصطلحات رنانة، أمام كاميرات الفضائيات والصحف، بينما اصطدمت كل نظرياتهم، وأطروحاتهم، ومبادراتهم، بأرضية الواقع الصلبة، فتحطمت إلى «فتات» ذرته الرياح..!!
نعم، الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومنذ كان وزيرا للدفاع، أدرك مبكرا، حجم المخاطر التى تهدد الأمن القومى المصرى، لذلك أعد العدة، بتسليح الجيش وتنوعه، وتطوير أدائه، على كل المحاور الاستراتيجية، شمال شرق وشمال غرب والجنوب، أرضا وجوا وبحرا، وإنشاء قاعدتين محوريتين، محمد نجيب فى الشمال الغربى، و«برانيس» فى الجنوب، وانتشار الجيش فى سيناء «شمال شرق»، وترجمت الأيام، ترجمة حرفية، لنظرته الثاقبة وكأنه يقرأ المستقبل بتفاصيله، فرأينا النار المشتعلة على محاورنا الاستراتيجية فى الجنوب والغرب والشرق.
وأمس الأربعاء، تابعنا وشاهدنا، وأجسادنا تقشعر زهوا وفخرا وإعجابا، اصطفاف تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميدانى بالسويس، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وقادة القوات المسلحة وعدد من كبار رجال الدولة والنخب المصرية، وذلك بمناسبة فعاليات الاحتفالات باليوبيل الذهبى لانتصار أكتوبر العظيم.
حدث الاصطفاف المبهر، ترجمة حقيقية كما أشرنا سلفا لقراءة المشهد بعين فاحصة تمتلك القدرة على تقييم الموقف وتتنبأ بالمخاطر مسبقا، وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، عندما قال خلال الاصطفاف، إنه فى ظل الظروف الحالية التى تمر بها المنطقة، من المهم أن يدرك من يمتلك القوة والقدرة أن يوظفها ويستخدمها بعقل ورشد وحكمة، ولا يحاول أن «يطغى» لأنه لم يعد هناك «طغيان» ولا يسعى خلف أوهام، لأن أوهام القوة قد تدفع إلى اتخاذ قرار أو إجراء غير مدروس.
ونأتى لأهمية دور الجيش الوطنى الباسل منذ أن التصق تواجد مصر كدولة على وجه وجود الكون، وحتى كتابة هذه السطور، فى الحفاظ على حدود مصر وأراضيها ومقدراتها، ثابتة، لم تتغير، عندما قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى بوضوح: «إن مصر عبر تاريخها القديم والحديث لم تتعد حدودها وكان هدفها الرئيسى الحفاظ على أراضيها».
اصطفاف الفرقة الرابعة مدرعات بالجيش الثالث الميدانى، كشف بوضوح، مثل وضوح الشمس فى كبد السماء، أن جيش مصر الرقم الصحيح والصعب فى معادلة القوة عالميا، والأقوى إقليميا، وإذا كان منذ 50 عاما قد حقق انتصارا مبهرا وعظيما، وحطم أساطير، وكسر أنف غرور القوة، فإنه الآن يعيش أبهى وأقوى فتراته، عدة وجاهزية وعتاد، وقدرة على الردع، واستبسال فى الدفاع عن البلاد، ونجدة الأشقاء فى حالة تعرضهم لمخاطر، ورأينا بأم أعيننا فزعته لإنقاذ الأشقاء فى ليبيا، وتحديدا فى درنة، عندما تعرضوا لفيضان أزال الحرث والزرع.
جيش مصر، قاهر الفرس والصليبيين، وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخير أجناد الأرض.