إن المقدرة على القيادة تتطلب مواصفاتٍ ومعاييرٍ تُسهم في صناعة القائد، وتمكنه من أن يحقق الغايات العليا للدولة؛ ونظرًا لصعوبة تناول كل ما من شأنه يعمل على صناعة القائد من معاييرٍ ومواصفاتٍ؛ لذا سوف نتناول معيارًا محددًا بصورةٍ مفصلةٍ، ألا وهو خُلق القائد الذي يُوكل إليه إدارة شئون البلاد.
ونحمدُ الله تعالى بأن قائدنا وفخر المصريين يمتلك الخُلق الجم والسلوكيات الأخلاقية التي تُعد نموذجًا يُقتدى به، وهذا الأمر بات مهمًا للغاية؛ حيث يؤدي دون مواربةٍ إلى ضبط المناخ الأخلاقي في الدولة ومؤسساتها، بل وبين أطياف المجتمع بأسره، كما يساعد ذلك في ترسيخ النسق القيمي الذي يؤمن به ويتبناه شعبنا العظيم.
ولندرك جيدًا بأن هذا المناخ الأخلاقي المحمود وتلك القيم والأخلاقيات المنضبطة تفرض حالةً من الضبط الذاتي داخل مؤسسات الدولة سواءً في التعاملات الداخلية أو الخارجية، وتضمن تواصلًا فعالًا بين الأفراد ومع المسئولين ومتخذي وصانعي القرار، كذلك يسرى هذا التفاعل مع الجمهور المستهدف بصورةٍ طبيعيةٍ.
ورئيسنا وقائدنا القدوة صاحب الخلق الكريم تتوافق أقواله مع أفعاله في شتى المواقف وجميع الأحداث والمجريات الداخلية والخارجية للدولة، وهذا ما يسمى في معناه العميق استقامة القائد، وهو ما يؤثر قطعًا على ثقافة قيادات الدولة في قطاعاتها ومؤسساتها المختلفة؛ حيث يتمسك القادة بمبدأٍ أخلاقيٍ ممتازٍ يُفعل الثقافة التنظيمية بمستوياتها الداخلية والخارجية، ويحقق نواتجاً مؤثرةً ومرغوباً فيها تنسدل من خُلق الاستقامة المشار إليها على مستويات الإدارة الثلاث (العليا والمتوسطة والدنيا).
إن العالم بأسره يعاني من تدنٍ خُلقيٍ خطيرٍ؛ فما نشهده من أحداثٍ وصراعاتٍ وحروبٍ ونزاعاتٍ مسلحةٍ أظهرت صور الازدواجية في المعايير وثنائية التعاملات وتباين المواقف وفق المصلحة الدولية والنظرة الضيقة لماهية الإنسانية، وفي المقابل فإن استقامة القائد الذي يمتلك الخُلق الرفيع، لهو السياج الحامي من الانهيار الأخلاقي داخل المجتمع، والسبيل الداعم لتكوين اتجاهاتٍ إيجابيةٍ رغم سوء الوضع العالمي، والدافع الرئيس للتمسك وتجنب الانسياق خلف الأهواء والمصالح التي تعمل ضد الإنسانية، وهذا هو رئيسنا صاحب الخُلق الذي نتباهى به ونصطف خلفه.
ولقد باتت الهوية الأخلاقية على جرف الانهيار؛ نتيجةً للممارسات غير الإنسانية التي تقوم بها دولٌ ضد أخرى وجماعاتٌ مع جماعاتٍ أخرى، وهذا الأمر الخطير عندما يستشري في الأرض سيؤدي حتمًا إلى إنهيار النسق القيمي العالمي، ويدحر التعايش السلمي، ويفقد الثقة في ماهية ومعايير الإنسانية التي تؤصل لها وتنادي بها المؤسسات المعنية؛ فقد أضحت بالنسبة لكثير من الدول حبرًا على ورقٍ.
وفي هذا الإطار يؤكد مرشحنا الرئاسي القائد الخلوق بأن تعضيد الهوية الأخلاقية تتأتى من سلوكٍ أخلاقيٍ ممارسٍ يستشعر به جموع الشعب، وتقدره الشعوب الأخرى وقادتها؛ حيث إن الهوية الأخلاقية تحقق حالةً التوزان في التعاملات وتوجه بصورةٍ فاعلةٍ آليات صناعة واتخاذ القرار الذي يقوم على معاييرٍ أخلاقيةٍ تحكمها قيم الإنسانية جمعاء، وتحث عليها فلسفات الإعمار والنهضة على الأرض المستخلفين فيها.
وللمؤسسة العسكرية دورٌ واضحٌ في تعضيد الهوية الأخلاقية لدى منتسبيها؛ إذ تربيهم على العطاء والعمل الجاد والتمسك بالخلق القويم، وخدمة الوطن والتضحية في سبيله وتحقيق غايته العليا، وهنا يحدث الانسجام التام بين الهوية الأخلاقية لدى الفرد مع القيم الأخلاقية التي تتبناها المؤسسة العسكرية، وتؤصل في الذات العسكرية الصدق مع النفس، والعمل من أجل الوطن ومصالحه، وفي ذات السياق فإن لهذه المؤسسة العظيمة دورًا بارزًا في صناعة القائد المتحلي بالخلق النبيل.
وحريٌ بالذكر أن السيسي مرشحنا الرئاسي قائدٌ ذو خُلقٍ قويمٍ، يتحمل ضريبة هذا الأمر في مواقفٍ عديدةٍ؛ إذ يتشبث بالحق ويتمسك بتحقيق العدالة ويعضد إنفاذ القانون، ويقاوم كافة التصرفات التي لا تنسجم مع قيم المجتمع ويحرص على إزالة أثرها، ويرجع ذلك لأن الرجل يتمتع بقدرٍ عالٍ من الهوية الأخلاقية؛ فما نشهده من تصرفاته حيال ما يحدث التزام سيادته بالمبادئ الأخلاقية، ومواقفه الجلية التي تتسق تمامًا مع تلك المبادئ؛ بالإضافة لتحمله المسئولية والمخاطر في سبيل إعلاء هذه القيم الأخلاقية؛ قناعةً بأنها تبني المجتمع وتحقق تماسكه وتعلى من المصلحة العامة على المصالح الضيقة التي تقوم على النفعية الصرفة.
إن وجدانيات الشعب المصري تعشق القيم الأخلاقية وتتعامل في إطارها، ومن ثم يصطف هذا الشعب العظيم خلف قائد المسيرة نحو النهضة؛ ليستكمل إنجازاتٍ طال انتظارها؛ فالثقة متزايدة وعميقة ومتجذرة في شخص الرئيس السيسي المرشح الجماهيري صاحب الخُلق الجم، والهوية الأخلاقية موحدةٌ في سبيل رفعة الوطن ورفع رايته عاليةً خفاقةً.
حفظ الله شبابنا ومؤسساتنا الوطنية وبلادنا العظيمة وقيادتنا السياسية الحكيمة أبدَ الدهر.