معلوم أنه بعد عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 قام الإعلام الغربى والمجتمع البحثى في الغرب والولايات المتحدة بتناول الرواية الإسرائيلية ليتحول الرأي العام الغربى والأمريكى تعاطفا وتضامنا مع الإسرائيليين، صحيح أن هذا انحياز الإعلام الغربى معروف ومؤكد للجميع تجاه الجانب الإسرائيلي خلال العقود الماضية، لكن في اعتقادنا أنه الأمر في ظل الحرب الراهنة أصبح مختلفا بعض الشئ وذلك لأننا نعيش في زمن السماوات المفتوحة وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد أن بات من السهل تداول الصور ومقاطع الفيديو وسرعة الانتشار ما ساهم في وجود تحول ملحوظ للرأي العام الغربى خاصة في أوساط الشباب والجاليات العربية والفلسطينية والأقليات الغربية.
غير أن هناك أمر آخر مهم، أن التماهى الكامل مع الرواية الإسرائيلية والتي تعتمد على أن المظلومية الإسرائيلية التي تتقن استخدامها منذ بدء الصراع، لكن في ظل إصرار قصف إسرائيل المستشفيات وقتل الأطفال والنساء والقصف الجنونى بالقنابل الفسفورية والإصرار على الضغط على سكان شمال غزة إلى التوجه إلى جنوب القطاع في مشهد نزوح نقلته كل وسائل الإعلام ومنصات السوشيال ميديا، وفى ظل تزايد أعداد القتلى من الجانب الفلسطيني وتخطى الـ12 ألف شهيد خلال أسابيع، بدأ الرأي العام الغربى في مراجعة قناعته تجاه السردية الإسرائيلية.
ظنى أن "أفورة الإعلام في تناول الرواية الإسرائيلية" أدى إلى وجود خطاب مليئ بالتناقضات، سواء في تصريحات القيادات السياسية أو في تقارير وسائل الإعلام الغربية، والتطوع الملحوظ لتبرير كل الانتهاكات التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة وسكانهـ وتصوير هجوم المقاومة على أنه هجوم إرهابي تدفعه أيديولوجية متطرفة، كتنظيم داعش أو القاعدة في مغالطة كبيرة لأن هناك اختلافا بين حركة تدافع عن وطن وأرض أمام محتل لهذا الأرض، وحركة أتت أو جاء بها لتنفيذ هدف أو فكرة في أرض ليست أرضها.
لذا، كان مع مرور الوقت وقيام إسرائيل بالتدمير الممنهج للبنية التحتية والقصف العشوائى والجنونى والتوسع في استخدام العنف المفرط ضد المدنيين، بدأ الرأي العام الغربي يشهد قدراً ملحوظاً من التحول وهو ما ترجمته التظاهرات الحاشدة بمدن وعواصم غربية وفى أمريكا حتى وصلت للكونجرس الأمريكي، ما جعلت بعض الحكومات باتخاذ قرارات لتقييد أو منع هذه التظاهرات.
نهاية.. علينا أن نتوقع تزايدا في التعاطف والتضامن مع الحق الفلسطيني ما يستوجب استغلال هذا بكل الطرق والوسائل إعلاميا وسياسيا وأيضا في العالم الافتراضى بتكثيف النشر وكتابة مقالات وسرد القضية سردا منهجيا وعلميا وتاريخيا والأهم أن يكون هذا كله بموضوعية شديدة وعلم كامل ومصداقية تامة، لأن في اعتقادى رأى الشارع الغربى بات أهم وأكثر تأثيرا على الحكومات الغربية ودائر صناع القرار في الغرب وأمريكا من تأثير المجتمع الدولى وكل منظماته وكلنا نرى تواطئ الأمم المتحدة وتطويع مجلس الأمن لصالح طرف على حساب طرف آخر، ولا ننسى أيضا أن الرئيس ماكرون شهد خطابه تحولا نوعيا خلال الأيام الماضية بعد تظاهرات الفرنسيين.. لذا يجب الانتباه لهذا الأمر.. نصر الله أشقائنا