يعرف عن صلاح الدين الأيوبى أنه سلطان مصر والشام، الذى هزم جيشًا ضخمًا من الصليبيين فى معركة حطين وحرر مدينة القدس عام 1187، وفى أوج قوته، حكم منطقة إسلامية موحدة تمتد من مصر إلى الجزيرة العربية، وقد احتفى المسلمون والعديد من الغربيين من الأجيال اللاحقة بصلاح الدين الأيوبى، وذلك لمهاراته السياسية والعسكرية، فضلاً عن كرمه وفروسته.
ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب فى مدينة تكريت بوسط العراق عام 1137 أو 1138، كانت عائلته من أصل كردي، وكان والده أيوب وعمه شيركوه من القادة العسكريين النخبة فى عهد عماد الدين زنكى، الحاكم القوى الذى حكم شمال سوريا، بعد أن نشأ فى دمشق وترقى فى الرتب العسكرية، انضم صلاح الدين الشاب إلى جيش بقيادة عمه شيركوه، الذى خدم ابن زنكى ووريثه، نور الدين فى رحلة عسكرية إلى مصر، وفقا لما ذكره موقع هيستورى.
وفى عام 1169، بعد وفاة شيركوه، اختير صلاح الدين الأيوبي ليخلفه في قيادة قوات نور الدين في مصر، كما تم تعيينه وزيراً للخلافة الفاطمية المتداعية التي حكمت مصر في ذلك الوقت ومع وفاة آخر الخلفاء الفاطميين عام 1171، أصبح صلاح الدين حاكمًا لمصر.
وتوفى نور الدين عام 1174 فشن صلاح الدين حملة للسيطرة على الأراضى التى كان يحكمها، كما سعى إلى ترسيخ نظامه كلاعب رئيسى قادر على تحدى الدول الصليبية الأربع التي يسيطر عليها الغرب، والتي تأسست بعد الحملة الصليبية الأولى في 1098-1099.
بصفته سلطان مصر عاد صلاح الدين الأيوبى إلى سوريا وتمكن من الاستيلاء على دمشق وحلب والموصل، كما غزت قوات صلاح الدين اليمن أيضًا، ما مكنه من تعزيز سيطرته على البحر الأحمر بأكمله، وبالإضافة إلى مآثره العسكرية، واصل أيضًا الجهود الدبلوماسية لتحقيق أهدافه.
تزوج من أرملة نور الدين، عصمت، التى كانت أيضًا ابنة حاكم دمشق الراحل أونور، ما ساعده على اكتساب الشرعية من خلال الارتباط بسلالتين حاكمتين، وأخيرا حصل على دعم إسلامي واسع النطاق عندما أعلن نفسه قائدا للجهاد، المكرسة للدفاع عن الإسلام.
كان هدف صلاح الدين الأيوبي هو توحيد الأراضي الإسلامية في سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين وفلسطين ومصر تحت حكمه، وبحلول عام 1186 كان قد حقق ذلك من خلال مزيج من الدبلوماسية والقوة العسكرية، اشتهر بحبه للشعر والحدائق، كما اكتسب سمعة طيبة كقائد كريم ونبيل.
هزيمة الصليبيين وتحرير القدس
استعد صلاح الدين لشن هجوم واسع النطاق في عام 1187 من خلال تجميع القوات من جميع أنحاء مملكته جنوب دمشق وأسطول مصري مثير للإعجاب في الإسكندرية التقى جيشه بالفرنجة في معركة كبرى في حطين، بالقرب من طبريا وهزمهم هزيمة ساحقة في 4 يوليو 1187.
أعقب النصر في معركة حطين سلسلة من الانتصارات السريعة عبر مملكة القدس، وبلغت ذروتها في 2 أكتوبر 1187، عندما استسلمت مدينة القدس لجيش صلاح الدين الأيوبي بعد 88 عامًا، وبحلول ذلك الوقت، كانت قوات صلاح الدين قد سيطرت على عدد من المدن المهمة الأخرى من الصليبيين، بما في ذلك عكا وطبريا وقيصرية والناصرة ويافا.
في أعقاب تحرير صلاح الدين الأيوبي القدس دعا البابا جريجوريوس الثالث إلى حملة صليبية جديدة لاستعادة المدينة وفى عام 1189، احتشدت القوات المسيحية فى صور لإطلاق الحملة الصليبية الثالثة، بقيادة ثلاثة ملوك : فريدريك الأول "بربروسا"، ملك ألمانيا والإمبراطور الروماني المقدس، والملك فيليب الثاني ملك فرنسا، وريتشارد الأول "قلب الأسد" ملك إنجلترا.
حاصر الصليبيون عكا، واستولوا عليها أخيرًا عام 1191 مع جزء كبير من بحرية صلاح الدين الأيوبي لكن صمود صلاح الدين الأيوبي أمام هجومهم مكنه من الاحتفاظ بالسيطرة على معظم إمبراطوريته، وأنهت هدنته مع ريتشارد قلب الأسد في أواخر عام 1192 الحملة الصليبية الثالثة.
وبعد بضعة أشهر فقط، في مارس 1193، توفي صلاح الدين الأيوبي في حدائقه الحبيبة في دمشق عن عمر يناهز 55 أو 56 عامًا فقط.