حقيقى أن الحرب طاحنة في غزة وفى الأراضى الفلسطينية كلها، وأنه مازال القصف الجنونى والعشوائى لإسرائيل مستمر، وهذه هي عادة إسرائيل بالمناسبة لأنها ترى أن بقاءها مرهون بالردع والرعب وتخويف العرب، وإيهامهم بأنهم غير قادرين على المواجهة والحرب، فهى تقتل وتقصف ولسان حالها يقول هذا مصير من يتجرأ علينا، ولأنهم يعلمون علم اليقين أن قوتهم من خوف الآخرين منهم، لكن ورغم هذه الأحداث ودمويتها وجنونها يجب أن يلتقط الفلسطينيون الخيط بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني - وبسرعة فائقة - ودون تردد أو حسابات ضيقة، فلا وقت للخلاف ولا للانقسام، فالثمن غاليا آلاف من الشهداء والمصابين أغلبهم من الأطفال والنساء، فكما نطالب العرب والمجتمع الدولى بدعم القضية الفلسطينية والتخلى عن الأنانية في محاباة إسرائيل، ها هنا في مقالنا ندعو أشقاءنا في فلسطين أن يقدموا أنفسهم من جديد للعالم بأنهم قادرون من خلال سلطة فلسطينية موحدة على إدارة قطاع غزة والضفة والقدس الشرقية.
نقول هذا في ظل إحياء القضية الفلسطينية من جديد بعد تهميش طويل، وفى ظل تعالى الأصوات الدولية حول ضرورة حل الدولتين وإنهاء الصراع، نعم رغم مرارة ومأساة ما يحدث إلا أنها في – اعتقادنا - فرصة ثمينة وإن كانت مُغلفة بدم الشهداء يجب استغلالها وتوظيفها توظيفا جيدا لخدمة القضية الفلسطينية، فأيا كانت الصورة والدعم الأعمى لإسرائيل وازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولى فلا أحد ينكر أن هناك تعاطفا شعبيا دوليا كبيرل للحق الفلسطيني، ولا أحد ينكر أن هنا موجة من التظاهرات حول العالم غير مسبوقة فيجب أن لا نضيع كل هذا هباءً.
والأهم أيضا أن هناك أمرا مختلفا في هذه الحرب، وهو أن عالم السوشيال ميديا والمنصات الرقمية ساهم بقوة في نشر خطاب إعلامى غير مُضلل كما كانت تفعله الآلة الإعلامية الغربية القديمة التي ضللت العالم سنوات طويلة بل عقود ممتدة، فهل ينكر أحد الآن أن صورة إسرائيل تظهر كثيرا ولأول مرة أمام الرأي العالم الغربى بأنها مُعرقلة للسلام، وأنها دولة العنف والكراهية.
نعم يجب على الفلسطينيين أن يستثمروا ما يحدث لصالحهم ولصالح قضيتهم، فها هي إسرائيل الآن يراها العالم قاتلة للأطفال وصورتها باتت ممزقة، وبداية الاستثمار يكون في الاصطفاف وتشكيل إدارة فلسطينية موحدة لا خلاف بينها ولا عليها، تتحدث للإعلام في خطاب مُوحد، وتقدم نفسها للمجتمع الدولى ممثلا للفلسطيينين، تهدف للسلام والحرية، وتعمل على بناء دولتها في صورة حضارية مُشرفة، بل وتغلق الباب أمام من يصطدون في الماء العكر بأن لا بديل في فلسطين، وأن الفلسطينيين منقسمون مختلفون، وتحرج المترددين في الدعم الفلسطينيى، ليجبروا العالم على احترام فلسطين، ويجبرون إسرائيل على وقف سياسة فرق تسُد وإجبارها أيضا على الجلوس للتفاوض.
نهاية.. مؤكد أن فلسطين بها الكثير من الخبرات، وشعبها مثقف ومتعلم، وأن الفلسطينيين يستعطون وبقوة تشريف قضيتهم ووطنهم العربى كله أفضل تشريف، لكن ما نتمناه ونأمله انتهاز هذه الفرص وتلك المكتسبات قبل فوات الآوان بتوحيد البيت الفلسطيني وتشكيل إدارة لقيادة كل فلسطين.. اللهم نصرا قريبا