تدخل الهدنة الإنسانية فى غزة حيز التنفيذ ظهر اليوم الخميس، لتتوقف آلة العدوان الإسرائيلى لمدة 4 أيام، وقد تكون مقدمة لوقف العدوان بعد شهرين من القصف والحرب التى يشنها جنون الانتقام لدى رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو، بينما لم يحقق أى أهداف مما أعلنه غير قتل آلاف الأطفال والنساء، بالطبع فقد وافقت كل الأطراف على الهدنة، بعد أيام من الاتصالات والجهود الضخمة من قبل الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة، وهى جهود لم تظهر غير نتائجها، لكن مصر وظفت فيها كل أدواتها ومؤسساتها الدبلوماسية والسياسية والمعلوماتية، وتواصلت مع كل الأطراف، خاصة الجانبين الأمريكى والقطرى، وأيضا قيادات حماس، وأطراف من قبل الاحتلال، كل هذه الاتصالات انتهت إلى هدنة إنسانية قد تكون مقدمة لهدنة أخرى أو نهائية تنهى العدوان الذى يدخل أسبوعه الثامن من دون أفق واضح.
الهدنة تتضمن ـ حسب تقرير الزميل أحمد جمعة فى «اليوم السابع» ـ تبادل المحتجزين بين حماس والاحتلال، بقوائم يتم تسليمها إلى الطرف المصرى لتكتمل التفاصيل، من خلال قنوات مفتوحة على مدى الأسابيع الماضية، وربما لا يعلم كثيرون أن ما يظهر فى هذه الهدنة هو فقط النتيجة، لكن الواقع أن هذا مجرد قمة جبل الجليد، الغاطسة التى تتضمن الكثير من التفاصيل والقنوات، ظهر بعضها على السطح خلال الأيام الماضية من زيارات لأمير قطر، ومدير المخابرات المركزية الأمريكية، ومشعل وهنية إلى القاهرة مع أطراف من أجهزة الاحتلال، وهناك فصول أخرى غير ظاهرة تتضمن جهودا على مدى الساعة بين قارات العالم، للتوصل إلى هذه الهدنة، حيث تم تحديد مطالب كل طرف، وعدد المحتجزين الذين يتم إطلاقهم من كل طرف، وعمر من يتم تبادلهم، وإمكانية عدم الفصل بين الأسر المحتجزة، وموقف الرعايا الأجانب الموجودين فى غزة.
الهدنة الإنسانية سيتم خلالها وقف أى عدوان أو أعمال عسكرية أو مطاردات داخل غزة، بما يعطى فرصة لمضاعفة كميات المساعدات الإنسانية والوقود والمواد الطبية من خلال معبر رفح، بجانب خروج عدد من الجرحى من المراكز المضارة، أو نقلهم إلى المستشفيات المصرية للعلاج والعودة، وهو ما يمكن منظمات الإغاثة الدولية من العمل على تخفيف معاناة المدنيين.
وتسهل الهدنة وصفقة تبادل الأسرى، نفاذ كل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى كل مناطق قطاع غزة بما فيها شمال القطاع، والذى كانت ترفض إسرائيل وصول أى مساعدات له، وسيخفف كثيرا من معاناة مئات الآلاف من الفلسطينيين ممن ظلوا فى الشمال ورفضوا النزوح للجنوب يتضمن تدفق السولار والغاز إلى كل مناطق قطاع غزة، لتشغيل المخابز ومحطات الكهرباء ومحطات تحلية المياه والمستشفيات وكل القطاعات المدنية، بجانب تغطية كل احتياجات المنظمات الأممية كالأونروا.
الهدنة جاءت نتيجة الجهود المصرية مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر على مدى أكثر من أسبوعين ، شملت جولات مكوكية واجتماعات بالقاهرة، التى بالرغم من مواقفها الحاسمة تجاه القضية، ورفض التصفية والتهجير من غزة وانحيازها الكامل للحق الفلسطينى لم يمنع أن يراها الجميع وسيطا نزيها وموثوقا فيه، تحتفظ بقنوات اتصال، وتضع أولويات للعمل، ومفاتيح وبدائل، وتسعى إلى تقريب وجهات النظر، بين كل الأطراف سواء الاحتلال، أو حركة حماس والفصائل سعيا إلى هدف أهم هو وقف العدوان ومضاعفة المساعدات الإنسانية.
وتوظف الدولة المصرية خبراتها وما تمتلكه من معلومات ومفاتيح فى ملف شديد التعقيد انطلاقا من دور إقليمى، يقوم على تراكمات متواصلة لعمل المؤسسات الدبلوماسية والمعلوماتية والسياسية لإدارة الملفات المعقدة، وتعمل من خلال توازن دقيق، بين خطوط حمراء للأمن القومى، ودعم كامل للقضية، واستراتيجية تعيد التأكيد على أن الدولة الفلسطينية مفتاح الحل، وهو ما تأكد فى كل لقاءات واتصالات تلقاها الرئيس، مع رؤساء وقادة الدول الكبرى، وآخرها لقاء الرئيس السيسى وملك الأردن عبدالله بن الحسين، والتنسيق الكامل والاتفاق على دعم الدولة الفلسطينية، كل هذا يمثل عملا متواصلا قد يمهد إلى وقف للعدوان وفتح مسارات جديدة.