سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 نوفمبر 1967.. أم كلثوم تتوجه إلى قصر القبة وتكتب كلمة فى سجل التشريفات لجمال عبدالناصر بعد عودتها من رحلة الغناء بفرنسا لصالح المجهود الحربى

الأحد، 26 نوفمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 نوفمبر 1967.. أم كلثوم تتوجه إلى قصر القبة وتكتب كلمة فى سجل التشريفات لجمال عبدالناصر بعد عودتها من رحلة الغناء بفرنسا لصالح المجهود الحربى أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الوقت بعد منتصف ليل الجمعة، 24 نوفمبر 1967، حين وصلت سيدة الغناء العربى أم كلثوم إلى القاهرة عائدة من باريس، بعد أن قدمت حفلتين على مسرح الأولمبيا أكبر مسارحها يومى 13، و15 نوفمبر 1967، ضمن مشروع حفلاتها لصالح المجهود الحربى، الذى بدأته عقب هزيمة 5 يونيو 1967.
 
نجحت الحفلتان نجاحا مدويا، ولاقت أم كلثوم اهتماما لافتا رسميا وشعبيا وإعلاميا فى فرنسا، كان من علاماته ترحيب الرئيس الفرنسى شارل ديجول بها، ويذكر الكاتب والباحث كريم جمال فى كتابه «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى»، أنها بمجرد أن فرغت من تحضيرات الحفلتين وهى فى باريس، كتبت برقية شكر وتقدير لـ«ديجول»، أعدها لها الدكتور على السمان، مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط وقتئذ فى فرنسا، ونصت البرقية: «وأنا أحل فى فرنسا، أردت أن أحيى فيكم وقوفكم مع العدالة وإلى جانب السلام»، ووقعت عليها باسم «أم كلثوم.. مواطنة مصرية».
 
قبل أن تغادر باريس رد «ديجول» على رسالتها، حيث حضر مبعوث من قصر الرئاسة الفرنسى إلى فندق جورج الخامس الذى تقيم فيه، وقال لها وهو يحييها لوجودها فى باريس: «أنت ضمير أمة»، وسلمها رسالة «ديجول» وكتبها «بترلان» أشهر مناضل فرنسى ضد الاحتلال الألمانى بخط يده، ونصت الرسالة الرئاسية: «لقد لمست بصوتك سيدتى أحاسيس قلبى وقلوب الفرنسيين جميعا»، ووقع «ديجول» على الرسالة فى نهايتها بخطه.
 
يذكر «جمال» أن أم كلثوم انتهت من برنامجها الفنى يوم 16 نوفمبر 1967 ومدت إقامتها أسبوعا للراحة والاستجمام، وتلبية بعض الدعوات التى وجهت إليها من الحكومة الفرنسية أو من بعض الشخصيات العربية فى باريس قبل عودتها إلى القاهرة، وخلال ذلك الأسبوع الإضافى، صدر فى فرنسا ما يقرب من خمسة وعشرين مجلة وصحيفة أسبوعية، تصدرت صورة أم كلثوم غلاف أربع مجلات كبرى منها.
 
يضيف «جمال» أنه فى ليلة أم كلثوم الأخيرة فى باريس، دعتها وزارة الثقافة الفرنسية إلى زيارة استديوهات التليفزيون الفرنسى، وبعدها أقام لها السفير السعودى مأدبة عشاء من أجل توديعها، وقبل أن تغادر باريس قال لها كوكاتريكس، صاحب مسرح الأولمبيا: «لم أشهد فى حياتى نجاحا مثل نجاح شاهدته فى هذين الحفلين»، ثم طلب منها بانفعال شديد أن تقبل إقامة حفلتين غنائيتين جديدتين على مسرحه، وأضاف: «إنها ليست إراداتى فقط، بل هى إرادة الملايين»، ووعدته أم كلثوم بالتفكير جديا فى هذا الموضوع.
 
فى مساء 26 نوفمبر، مثل هذا اليوم 1967، وبعد أقل من 48 ساعة على عودتها، توجهت أم كلثوم إلى قصر القبة، وكان فى استقبالها صلاح الشاهد كبير الأمناء برئاسة الجمهورية، وأمين شاكر وزير السياحة، وعبدالمحسن أبوالنور وزير الدولة، وبعد الترحيب بها، طلبت أن تكتب كلمة مهمة فى سجل تشريفات القصر، ونشرتها الأهرام فى صفحتها الأخيرة يوم 27 نوفمبر 1967.
 
خاطبت أم كلثوم جمال عبدالناصر، فى كلمتها، قائلة: «يا سيادة الرئيس، لقد شاهدت ولمست حبا وتقديرا للجاليات العربية لكم فى فرنسا أثناء إقامتى القصيرة فى باريس، لذلك أردت أن أنقل لسيادتكم هذه المشاعر التى لا يمكننى أن أصفها حق الوصف، من حب وتقدير لوطننا العزيز ولسيادتكم شخصيا، لقد حملتنى جموع المواطنين العرب الذين قدموا من كل البلاد الشقيقة والشعب الفرنسى الصديق، تحيات الحب والإعزاز والتقدير، وفقكم الله، سيادة الرئيس وسدد خطاكم فى خدمة الوطن العربى الكبير».
 
كان الدكتور على السمان شاهدا مهما على تلك الرحلة منذ بدايتها، وينقل عنه كريم جمال قوله، أنه عقب عودة أم كلثوم إلى القاهرة، كانت أول زيارة لها لبيت الرئيس جمال عبدالناصر بمنطقة منشية البكرى، حيث أقامت لها صديقتها السيدة تحية، حرم الرئيس، مأدبة عشاء على شرف نجاحها فى باريس، وعندما وصل الرئيس عبدالناصر إلى المنزل جلس مع السيدة أم كلثوم، وسألها عما إذا كان أعضاء السفارة المصرية قاموا بأداء الواجب تجاهها، لكن أم كلثوم أخبرته بأن السفير عبدالمنعم النجار لم يأت لاستقبالها فى المطار، وأوفد إليها المستشار الثقافى ليكون فى استقبالها عند نزولها فى مطار لوبورجيه الفرنسى، ووفق رواية «السمان»، فإنه وبعد أسابيع قليلة نقل السفير النجار إلى الإدارة الثقافية للخارجية فى القاهرة عقابا له على خطئه المهنى.
 
يكمل «السمان» روايته مؤكدا: «عبدالناصر لم يغضب من ذلك السفير تحديدا، عندما أهمل إرسال برقية مثل غيره من السفراء يطلب منه عدم التنحى بعد الهزيمة، لكنه غضب لعدم تقديره لأم كلثوم، وعدم معاملتها بمراسم الشرف الكاملة، خصوصا أن تلك الزيارة جاءت فى سياق مهمة وطنية نبيلة، فكان هذا وزن وقدر أم كلثوم لدى الزعيم جمال عبدالناصر».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة