منذ عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 جاء الخطاب الإعلامى الغربى خاصة في الولايات المتحدة متضامنا مع الرواية الإسرائيلية والسردية الصهوينة، وتجسدت في حديث الرئيس الأمريكي نفسه عنها، لكن بعد تماهى إسرائيل في القصف والقتل والعنف الوحشى، الأمر اختلف بعض الشئ، وحدث تحولا نوعيا في تصديق الرواية الصهيونية، إضافة إلى دور العالم الافتراضى - السوشيال ميديا- التي كان له تأثير السحر ليثبت زيف الآلة الإعلامية الغربية التقليدية، ونقل صورة حية مما يجرى في فلسطين، وهنا ما كان أمام الإعلام الغربى إلا إعادة النظر فيما يقوله، فتغيرت بعض المواقف وترجم ذلك في تأثير كبير في الشارع الغربى فكانت تظاهرات حاشدة فى كثير من دول حول العالم دعما لفلسطين.
ووفقا لطبيعة الأشياء، فإن الشباب والجيل الصغير كانوا الأكثر تأثيرا بالسوشيال ميديا لأنهم هم من يرون ويتابعون الإعلام الجديد على منصات التواصل الاجتماعى، فقادوا حركة التضامن الفلسطيني وكشف زيف الإعلام التقليدي.
لكن فى كل الأحوال الخطاب الإعلامى الغربى كان وما زال مليئا بالتناقضات والمغالطات، ونموذجا نجد جو بايدن الرئيس الأمريكى يدعو للإنسانية في خطابه لكنه يرسل جنرلات لإدارة المعركة على الأرض مع الإسرائيليين، ويسمح للاحتلال بقتل الأطفال والنساء، وتارة آخرى يُشجع على إذكاء الحرب بكل السبل.
ونجد أيضا أثناء عمليات تبادل الأسرى الرئيس الأمريكي والإعلام الغربى يتحدث عن أطفال إسرائيل وتحررهم، في حين يغضون كل الطرف عن أطفال ونساء فلسطين التي تم تحريرهم من سجون إسرائيل في تناقض كبير، رغم أن عملية التبادل قائمة على أطفال ونساء مقابل أطفال ونساء، وهو ما أكد ازدواجية المواقف وعدم الحيادية والعنصرية في الخطاب الغربى.
لذلك، فالدرس المُستفاد أن الحاكم في الخطاب الغربى والأمريكى هو بث السم في العسل، فيتحدث عن الحيادية وإطلاق المصطلحات البراقة وتوظيف الصورة افتراضيا وكلاميا لكنه يسعى بشتى الطرق على الأرض إلى خدمة أهدافه وعنصريته مستخدما التناقضات والمغالطات واجتزاء الحقائق والتركيز على رواية معينة.
وهذا ما يجعلنا يقظين تماما، فالغرب هم الغرب الذى قاتلوا بعض عقود طويلة وعاشوا عصورا من الظلام والضلال والحروب الأهلية وحضاراتهم من تاريخهم قائمة على القتل والكذب والتضليل لكنها مٌغلفة في ثوب ظاهره مُغرى سعيد لكن باطنه عذاب قبيح.
نقول هذا، لأن ما زال الكثير يعتقد أن الإعلام الغربى هو النموذج الساحر فى المصداقية والحيادية والمهنية، قد يكون هذا الصحيح عندما يتناول هذا الإعلام قضاياه ومشكلاته الداخلية لكن ثبتت التجربة أن تناوله للقضاية الخارجية والدولية مختلف تماما فهو لا يخدم إلا سياسة بلاده في النهاية لكن وفقا سياسة بث "السُم في العسل"، وثبت الواقع أن تناوله للمعتقدات والأديان والأيدلوجيات لا ينتصر إلا لمعتقدات حضارته مُعلنا بكل وضوح عنصريته وهذا ما يظهر جليا في دعم الحركة الصهوينية وتعاطيه مع القضية الفلسطينية كنموذج معتقدى والحضارة الإسلامية كحضارة يراها أنها الخطر الحقيقى على حضارته.
لذلك نرى ويرى العالم معنا، أن ما يحدث في غزة وفلسطين وموقف الخطاب الإعلامى الغربى منه ما هو إلا نموذح حقيقى يكشف الزيف والتضليل ويؤكد أن الإعلام الغربى ما هو إلا أداة للساسة يوظفونها كيفما يشاءون، فبه تمم تمييع القضايا وبه تمنح الفرص لممارسة القتل والعدوان وبه يعزز الانقسام والخلاف وبه تؤجج الصراعات وبه تنفذ الأجندات، وأعتقد أن كل هذا فعله ويفعله الآن في الحرب على فلسطين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة