مكاسب اقتصادية واجتماعية وسياسية يحققها البرنامج النووي المصرى لتوليد الكهرباء من خلال إنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء بمدينة الضبعة بقدرة 4800 ميجا وات بالتعاون مع شركة روساتوم الروسية، جميعها ستصب فى النهاية فى مصلحة المواطن مع بدء التشغيل التجاري لأول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات.
الطاقة النووية فى جميع دول العالم أصبحت من أهم سبل الحصول على طاقة نظيفة بأقل تكلفة وبدون أن توثر سلبا على البيئة خاصة فى ظل التحديات التي يواجهها العالم بسبب التغيرات المناخية، خاصة وأن محطات توليد الكهرباء التى تعتمد على الوقود النووي تساهم بشكل كبير فى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تفوق مثليها من المحطات التى تعتمد على الوقود التقليدي.
ويعتبر يوم 19 نوفمبر من كل عام شاهد على قوة الإرادة المصرية في تحقيق الحلم النووى المصرى عندما تم توقيع اتفاقية التعاون بين مصر وروسيا لتنفيذ أول محطة نووية لتوليد الكهرباء بمدينة الضبعة بأعلى معايير السلامة والآمان النووى وباحدث أنواع مفاعلات الجيل الثالث vver-1200.
ومن بين أهم الأهداف الرئيسية لمحطة الضبعة النووية هو خفض تكلفة إنتاج الكهرباء فى مصر ضمن تنفيذ استراتيجية الدولة 2030 لتنويع مصادر الطاقة و خفض نسبة الاعتماد على الغاز الطبيعي فى إنتاج الكهرباء، حيث أنه من المتوقع أن يتم التشغيل التجاري لأول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء فى 2028 بقدرة 1200 ميجا وات.
واستطاعت مصر خلال الـ9 سنوات الماضية في تنفيذ خارطة طريق تساهم فى خفض تكلفة إنتاج الكهرباء وبالتالي انخفاض سعر البيع للمستهلك، وذلك من خلال إصدار القوانين و التشريعات التى تسهل عملية مشاركة القطاع الخاص في إنتاج و بيع الكهرباء في مصر بالإضافة إلى الاعتماد على مصادر متنوعة مثل الرياح والشمس والطاقة النووية لتوليد الكهرباء، و ساهم وجود أكثر من 7 آلاف ميجا وات على الشبكة الكهربائية المصرية من الطاقة المتجددة فى توفير أكثر من 750 ألف طن بترول مكافئ، إلى جانب تجنب انبعاثات أكثر من 2 مليون 200 الف طن ثانى أكسيد الكربون.
و تسعى مصر لإدراج الطاقة النووية ضمن الطاقة الخضراء باستراتيجية 2030، نظرا لانها تحافظ على البيئة و تحقق صفر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتى من شأنها تحافظ على السلامه البيئية.
وتشهد مصر خلال الأيام القليلة المقبلة و تحديدا في 19 نوفمبر المقبل صب الخرسانة الخاصة بالمفاعل النووى الرابع والأخير بمحطة الضبعة التى لم تشهد توقف فى ولو ثانية منذ بدء العمل فى الموقع رغم الأحداث المختلفة التي مرت بها البلاد سواء كورونا أو غيرها.
المفاعلات النووية الأربعة بمحطة الضبعة تم تصميمها من قبل الجانب الروسي باعلى المواصفات الفنيه و معايير السلامة و الامان النووى ، حيث يحتوى كل مفاعل على مصيدة قلب المفاعل، و التى تقوم بدور هام في حالات الحوادث الشديدة أي "انصهار قلب المفاعل"، حيث تلتقط المواد المنصهرة وتحتفظ بها، وتعمل على تبريدها، وتمنع وصولها إلى جوف الأرض أي الوصول للبيئة المحيطة بالمحطة ، وتعمل على تقليل نسب تولد غاز الهيدروجين والذي ينفجر عند اشتعاله عندما يتلامس مع أكسجين الجو، وكذلك تقلل من الضغط العالي الناتج من تسرب ضغط الدائرة الابتدائية "حوالى 150 بار" والناتج من انصهار مواد قلب المفاعل نتيجة فقد مياه تبريد الدائرة الابتدائية.
وتعتبر مصيدة قلب المفاعل معدة مميزة لمفاعلات الجيل الثالث المتطور VVer1200 ، والتي تنتمي إليه مفاعلات محطة الضبعة النووية وهي عبارة عن نظام حماية فريد وأول جهاز كبير الحجم يتم تركيبه في مبنى المفاعل أسفل قاع وعاء المفاعل بهدف رفع درجة أمان وسلامة الوحدة حال حدوث أي أمر خارج إطار التصميم لالتقاط المواد الأساسية المنصهرة في حالة الانصهار غير المحتمل، مما يمنعها من الهروب والتسرب من مبنى الاحتواء، ومن ثم تمنع أي ضرر محتمل، قد يلحق بوعاء الاحتواء، وكذلك تمنع انتشار المواد المشعة في البيئة.
لم تكن مصر بعيدة عن التطور الذى يشهده العالم بشكل عام فى مجال المفاعلات النووية وأهميتها فى الحفاظ على البيئة وإنتاج كهرباء نظيفة ، خاصة فى أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية وروسيا وأمريكا الجنوبية و قوة تأثير الطاقة النووية في هذه البلدان على النمو الاقتصادي والاجتماعي البيئى ، لذلك اعتبرت الدولة المصرية مشروع الضبعة من أهم المشروعات القومية للدولة.
ستظل مصر دائما سباقة فى إتخاذ القرارات التي تصب فى مصلحة المواطن المصري والقارة الأفريقية ، حيث أن تنويع مصادر الطاقة فى مصر ما بين غاز طبيعي و طاقة شمسية و رياح و طاقة نووية سيلعب دور هام فى التوسع فى مشروعات الربط الكهربائي فى مصر و إمداد أفريقيا وأوروبا بالطاقة الكهربائية لتحقيق التوازن الكهربائي بين جميع دول العالم.
حيث بدأت وزارة الكهرباء فى تنفيذ مشروع الربط الكهربائي مع السودان بقدرة 300 ميجا وات والذى يسمح لمصر بنقل الطاقة الكهربائية لجميع دول افريقيا مستغلة قدراتها الهائلة فى إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة ، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية لتبادل 3 آلاف ميجاوات و جارى إنهاء الدراسات الخاصة بالربط مع أوروبا من خلال قبرص و اليونان، كل هذه المشروعات لم تكن تحقق لولا الإمكانيات الضخمة التى تتمتع بها مصر فى مجال الطاقة المتجددة.
تنويع مصادر الطاقة فى مصر بين شمس و رياح و نووى لإنتاج الكهرباء ليس الهدف منه فقط خفض تكلفة الكيلو وات ساعة ، ولكن من أهم أهداف تنويع مصادر الطاقة هو تأمين و استقرار الشبكة الكهربائية و ضمان استمرار إمدادات الطاقة للمشترك و تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي الذى يشكل 60% من تكلفة الكيلو وات ساعة فى مصر و يعتبر من عبئ مالى ضخم على الدولة ، لذلك فإن التوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة يساهم فى تأمين إمدادات الطاقة للمواطنين.
محطة الضبعة ستكون بمثابة تتويج لاستراتيجية تنويع مصادر الطاقة فى مصر و سيجنى ثمارها المصريين بعد تشغيلها خاصة و أنها توفر حوالى 10 آلاف فرصة عمل بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تشهدها مدينة الضبعة بشكل خاص و محافظة مرسى مطروح بشكل عام.