إن الجهود تلو الجهود لرئيسنا ومرشح الجماهير المصرية في الانتخابات الرئاسية عبد الفتاح السيسي متواصلة على الدوام تجاه القارة الأفريقية؛ فمنذ توليه إدارة شئون البلاد عام (2014) وبدء سيادته في تعضيد آليات التعاون مع الدول الأفريقية؛ فقد أعاد سيادته انضمام الدولة المصرية للاتحاد الأفريقي بعد غياب طويل؛ لتتحقق الشراكة الفعالة والمثمرة في مجالاتها المختلفة مع دول القارة السمراء.
ولم يكن سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي يرمي إلى المنفعة من جانب واحد؛ بغية الاستفادة وفقط؛ لكن نظرته الثاقبة ورؤيته المستقبلية كانت عميقة؛ فالقارة السمراء تُعد مكمل للأمن القومي المصري بصورة قوية؛ لذا سعى سيادته لحل النزاعات القائمة وما تزال تلك المساعي قائمة؛ فاستقرار دول الجوار ومنها السودان وليبيا من أولويات الدولة المصرية قيادة وشعبا، وفي هذا الإطار دشنت العديد من القمم وملتقيات ولقاءات الدعوة للسلام والتشاور المشترك البناء مع الدول الأفريقية؛ لبحث ملفات شائكة، والتوصل لحلول ترضى كافة الأطراف، وهذا ما جعل للدولة المصرية لها الريادة التي يشهد لها الجميع من دول العالم.
ويصعب أن تحدث نهضة تنموية بالقارة السمراء بعيدًا عن تحقيق مقومات الأمن والأمان في تلك الدول؛ لذا تعاونت الدولة المصرية ومؤسساتها العسكرية والأمنية بتوجيهات ومتابعة مستمرة من قيادتنا الرشيدة في تعزيز الجانب الأمني للدول الأفريقية؛ ليعم السلام ويقهر الإرهاب الممول بشكل جذري؛ لتبدأ رحلة التنمية المستدامة في مجالاتها المختلفة.
وهناك العديد من الاتفاقيات المصرية الأفريقية في مجال التعاون الاقتصادي؛ حيث قدمت الدولة المصرية بكل جدية كافة المساعدات التي تحض على التنمية الاقتصادية في صورتها الإجرائية، وفي هذا الإطار ولاستكمال الجهود التنموية في المجال الاقتصادي أبرمت الدولة المصرية العديد من المشروعات الضخمة مع بعض الدول الأفريقية، تحت رعاية مباشرة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولندرك سويًا أن القارة الأفريقية تمتلك موارد طبيعية لا تتوافر في كثير من بقاع الأرض، وفي مقدمتها الموارد المعدنية الأساسية الخالية من مركب الكربون، ومنها البوكست والكوبالت والليثيوم والمنجنيز والفانديوم والبلاتين، وبرغم ذلك تقوم بتصديرها للدول الصناعية دون محاولة من الدولة المصدرة لتعظيم مواردها الطبيعية.
وهناك العديد من مصادر المتجددة للطاقة النظيفة بهذه القارة والتي تجعلها توفر سبل النهضة والتقدم بدولها؛ فبواسطة توافر الطاقة تتمكن من توفير الخدمات التعليمية وتطوير المجال الزراعي والصناعي مما يوفر مقومات الأمن الغذائي ويوفر فرص مواتية للتنمية الاقتصادية ويجذب الاستثمار من كافة دول العالم للقارة.
ومن صور الطاقة المتجددة بالقارة الأفريقية الطاقة الشمسية؛ حيث إن نسبة الاشعاع الشمسي تعمل على توفير الطاقة الكهروضوئية بصورة مستدامة، وهناك طاقة الرياح التي تتمتع بها دول كثيرة في جنوب أفريقيا والقرن الأفريقي؛ لتوافر مصدر الرياح عالي الجودة، كما تتوافر مقومات الطاقة الكهرومائية والتي تنتج بواسطة اندفاع المياه عبر محطات التوليد؛ لتوافر الأنهار الرئيسة التي تساعد على هذا الأمر عبر سدودها، ومنها نهر النيل ونهر الكونغو ونهر النيجر ونهر زامبيزى؛ بالإضافة لطاقة الكتل الحيوية التي تنشء من السماد والنفايات فيما يسمى بالمواد العضوية.
ومن الفرص المتاحة للطاقة المتجددة بالقارة الهيدروجين الأخضر، والذي ينتج من فصل المياه عن طريق التحليل الكهربائي؛ لتتحول المياه إلى هيدروجين يتم تعبئته وأكسجين ينطلق في الهواء، وهناك أيضًا الهيدروجين الأزرق الذي يستخلص من الغاز الطبيعي والذي يستخدم في إنتاج الأمونيا التي تصنع منها الأسمدة مما يوفر مقومات الأمن الغذائي لدول القارة السمراء.
وفي المجال التعليمي والتثقيفي وباعتبار أن الدولة المصرية لها السبق والريادة بالدبلوماسية الثقافية؛ فكان لها دور واضح وملموس تجاه هذا الأمر الذي يعضد أواصر التعاون ويجذر العلاقات التاريخية مع دول القارة السمراء، وبصورة وظيفية أقامت الدولة وما تزال العديد من الفعاليات الثقافية والفنية مع دول القارة بغية تعميق لغة التفاهم في صورته المتبادلة مع شعوب القارة العظيمة، كما قدمت الدولة المصرية وما تزال المنح الدراسية لراغبي الدراسة في الجامعات المصرية والمراكز البحثية؛ لتلبي الاحتياجات التعليمية والبحثية لدول القارة وتؤصل مسارات التعاون في هذا المجال المهم الذي يشكل الوعي الصحيح لمنتسبي هذه الدول.
ولما كانت لمصر مكانتها المتميزة في الجانب السياسي مع القارة السمراء بفضل قيادتها السياسية الحكيمة؛ فقد اتيح للدولة المصرية مجال الاستثمار في دول القارة؛ حيث وقعت العديد من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية مع كثير من دول القارة الأفريقية، ووضعت الإجراءات التي من شأنها سهلت حركة التجارة وشجعت المستثمرين من الطرفين لوضع رؤوس الأموال في مشروعات قومية كبرى.
وهناك العديد من أطر التعاون بالقطاعات المختلفة في البناء والتشييد ومجال الطاقة وخاصة المتجددة منها، والزراعة والأمن الغذائي بتنوعاته، ناهيك عن الصناعات التحويلية؛ بالإضافة للسياحة بأنماطها المختلفة، ومن ثم فالقارة السمراء في القلب تبقى.
حفظ الله شبابنا ومؤسساتنا الوطنية وبلادنا العظيمة وقيادتنا السياسية الحكيمة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر