مها عبد القادر

اصطفاف ووحدة المصريين ضمانة الأمن القومي

الجمعة، 01 ديسمبر 2023 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الاصطفاف والوحدة لا يقصد منهما التماثل أو غياب التنوع، بل العكس فوجود التنوع مع تعظيم الشعور بالوحدة الوطنية والولاء والمواطنة يسمح بتقدير وجهات النظر والثقافات المتعددة، مما يؤدي إلى مجتمع أقوى وأكثر شمولاً؛ فالوحدة والاصطفاف بين المصريين أمر أساسي ومهم لتقدم مصر واستقرارها وازدهارها؛ فهي مسؤولية جماعية تتطلب بذل جهود متواصلة من قبل الدولة والمواطنين لتحقيق التفاهم والعدالة والفخر بالهوية المصرية المشتركة.

 

وأمر الاصطفاف يعني حرص المجتمع بكافة فئاته على تحقيق النهضة التي تستهدف تلبية الاحتياجات الحالية والمتطلبات المستقبلية، وهذا ما يوصف بالحياة الكريمة التي تجعل المجتمع في حالة من الرضا تجاه مؤسسات الدولة وقيادتها السياسية، بما يحقق الاستقرار الناتج عن توافر مقومات الأمن والأمان.

 

ويحقق كذلك ماهية سيادة الدولة واستقلاليتها في اتخاذ قراراتها؛ نتيجة لتوحد واصطفاف الشعب حول مؤسساتها وقيادتها المخلصة؛ لتحصل على صورة الأمن القومي المكتملة؛ حيث يستحيل أن ينال من دولة لا يشوب شعبها التفكك وضعف الثقة وشيوع الفتن التي تؤدي لصراعات لا تنتهي، ومن ثم فمصرنا العزيزة بلد الأمن والأمان والاستقرار والسلام وستظل بمشيئة الله تعالى.

 

وتكمن أهمية الاصطفاف والوحدة خلف الدولة في تدعيم الروابط وتمكين الأفراد بالمجتمع، فعندما يتحد الأفراد مع الدولة حول قضية ما أو هدف مشترك؛ فيتحقق المستحيل، إذ تتكاتف الجهود وتسخر الموارد والخبرات لمواجهة التحديات، داخلياً أو خارجياً وتتحسن الظروف المعيشية وصولًا لجودة الحياة وإحداث تغيير إيجابي، وتدشن المبادرات الرسمية والشعبية ومشاريع التنمية المجتمعية، مما يؤدي إلى مجتمعات أقوى وأكثر مرونة قادرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات بشكل أكثر فعالية.

 

كما أن الاصطفاف والوحدة خلف الدولة، لهم دورًا حيويًا في حل النزاعات على كافة المستويات؛ حيث يمكن الدولة من أن تتعامل مع الصراعات بطرق مختلفة وتكون على استعداد لفهم وجهات النظر المتعددة، والمشاركة في الحوار وتحقيق التفاهم؛ للبحث عن حلول سلمية لبناء الجسور وتخفيف التوترات وإيجاد مناخ داعم للتفاهم والتعايش السلمي وتحقيق السلام المستند إلى القوة.

 

وتشعر الشعوب بالتهديد عندما تخضع للتحديات التي تنتج جراء خلافات متباينة ترتبط بالجانب الفكري أو العقدي أو الأيديولوجي، وهنا تنتهك الساحات الداخلية والخارجية لدول هذه الشعوب؛ حيث تفتقد مقومات الأمن القومي بصورة كلية؛ فتصبح غير قادرة على تحقيق غايات الحاضر، ويبدو المستقبل ملبدًا بالغيوم؛ فلا رؤية طموحة ولا استراتيجية واضحة تحمل أحلام وآمال الأوطان.

 

وفي هذا الإطار تأخذ الدول الديمقراطية صاحبة التاريخ والثقافة التي تمتلك شعوبًا واعية وقيادات مخلصة أن تضع أولوياتها تجاه حماية مقدراتها على المستويين الداخلي والخارجي على السواء، وفي مقدمة ذلك تعمل على تعضيد الولاء والانتماء، وتدعم المسار السياسي الذي يتبنى أطر دبلوماسية مرنة تحقق المعادلة الصعبة والتي تتمثل في توثيق العلاقات مع دول العالم قاطبة.

 

إن وحدة المصريين واصطفافهم خلف دولتهم وقيادتهم السياسية بوعى مسؤول، يُعد عامل أساسي لضمان الأمن القومي والسيادة المصرية، وتضحى قوة قومية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، والناظر لتاريخ مصر يجده مليء بأمثلة كثيرة خالدة تصف كيفية تحقيق الشعب المصري للوحدة والتلاحم في مواجهة التحديات التي تهدد أمن البلاد؛ ومن ثم فإن وحدة المصريين تسهم في دعم استقرار البلاد وحماية المؤسسات والنظام السياسي والتعاون مع السلطات وتقديم الدعم للجهود الأمنية وتشكيل جبهة موحدة للدفاع عن بلادهم والمحافظة على استقلالها وسيادتها.

 

وقد مرت الدولة المصرية بالعديد من الأزمات التي ساهمت في صقل خبرات قيادتها تجاه العمل على حفظ الأمن القومي والسيادة ومواجهة كافة التحديات التي تواجه حدود الوطن بربوعه المتباعدة، ومن ثم تتشكل الجبهات العسكرية المنظمة من خلال الجيش العظيم، والجبهات الاجتماعية من جموع الشعب المصري الأصيل الذي يعمر محافظات الدولة الحدودية، ويشكل سياج حماية لها، وجبهات توعوية تشكل تعزيز للثقافة المصرية التي تؤكد على وحدة النسيج المجتمعي.

 

واصطفاف المصريين لا يقتصر على دعم الوطن في مجال بعينه؛ لكن يعني تعزيز كافة المجالات بالقطاعات المختلفة بالدعم المباشر وغير المباشر مشفوعًا بوعي صحيح سليم يمنع أصحاب الفتن والمآرب وأصحاب الأجندات الخاصة من أن يحققوا أهدافهم المغرضة، ويعضد المناخ الداعم للعمل المتواصل، ويدعوا إلى الجد والاجتهاد في قطاعات العمل المختلفة.

 

والشعب المصري العظيم نراه دومًا محبًا وداعماً لدولته ولقياداته السياسية؛ لأسباب معلومة تتمثل في وعيه الشامل خاصة وعيه السياسي والثقافي والاجتماعي؛ بالإضافة إلى عشقه لتراب الوطن واستعداده وجاهزيته للتضحية بكل غالي وبذل الدم في سبيل الدفاع عن مقدرات الدولة وكيانها وسيادتها وأمنها القومي، كما يميل هذا الشعب الطيب الوجدان لمناخ الاستقرار، وليس لديه مطامع تذكر في مقدرات أخري لا يمتلكها بدول أخري والتاريخ خير شاهد ودليل.

 

ولقد واجه شعب مصر بكل قوة جماعات الظلام، وتضافر مع قياداته لإنهاء مشروعهم المغيب للعقول وغير السوي، وضرب مثالًا يحتذى به في اللحمة الوطنية والترابط بين أطيافه وجميع فئاته؛ ليقضي على أحلام من يريدون السوء بالبلاد، وقد ساعد هذا التضافر والاصطفاف والوحدة مؤسسات الدولة المعنية في تحقيق الأمن القومي بصورة وظيفية.

 

وتلك الأحداث الجارية بمحيط المنطقة والمجتمع الدولي تؤكد تلاحم الشعب الأصيل مع قيادته؛ لتلقن العالم درسًا لا ينسى يسطره التاريخ؛ إذ فوض الشعب من يمتلك السلطة وإدارة شئون الدولة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحقيق الأمن القومي المصري، وهذا التفويض كان متنوعًا شمل جموع الشعب ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية، بما يؤكد أن شعب مصر لا يقبل تهديدًا للأمن القومي لوطنه الحر.

 

والمدقق في طبيعة العلاقات بين المصريين يلاحظ قبولهم لمبدأ الشراكة وتحمل المسئولية في تحقيق الانجازات المعنية بالوطن، وهذا يقوم على فلسفة يتبناها الشعب العظيم يتمثل في الوحدة الوطنية والاصطفاف خلف دولته؛ فلم تكن البتة شعارًا يتغنى به، بل أفعال وممارسات مشهودة في مواقف تعثر ونهضة الدولة على السواء، وتطلبت جهدًا مستمرًا وحوارًا وشمولية، فقد استطاعت الدولة المصرية وقيادتها الرشيدة تسخير إمكاناتها الجماعية، والتغلب على التحديات، وبناء مستقبل نابض بالحياة ومزدهر لشعبها.

 

إن ثقافة المجتمع المصري وما يمتلكه من نسق قيمي وما يتمتع به من وجدانيات راقية، تؤكد على أن ضمانة الأمن القومي يصحبها دومًا وحدة واصطفاف المصريين، وهذا لا يقبل التشكيك أو المزايدة، ولن يتغير بتغير المشهد؛ فالثوابت راسخة بين الشعب وقيادته رسوخ الجبال.

 

حفظ الله دولتنا وقيادتنا السياسية وشعبنا الآبي وجيشنا العظيم بعزة وفخر أبدا الدهر.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة