أشارت الصورة المبهرة التي شاهدناها ونشاهدها عبر الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي إلى المستوى الراقي للوعي الجماهيري المصري الذي أدرك ظروفه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وسعى لأن يؤكد اختياره لرئيس يتحمل مسئولية تحسين أمور الحياة والحفاظ على مقدرات الدولة وحماية أمنها القومي وسيادتها.
ولم تقتصر المشاركة في الانتخابات الرئاسية على فئة بعينها؛ فالجميع يشارك والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية وكافة أطياف الشعب وفئاته تختار رئيسها والإعلام يرصد الحدث في ربوع الوطن والمراقبة على قدم وساق، سواء من الخارج أو الداخل؛ بالإضافة إلى نزاهة إدارة الانتخابات من خلال قضاة حملوا على عاتقهم الأمانة وشرف الأداء.
لقد تأملنا صورة عبرت دلالتها على أمر مهم، تمثل في الإحساس بالانتماء والمواطنة الحقيقة للدولة المصرية؛ حيث بدت المشاركة الانتخابية في بدايتها قوية ومبهرة ومنظمة ومرتبة، وتأتى هذا الأمر من خلال شعور كل مواطن بواجبه الوطني وما تمليه عليه الوطنية في كل ممارساته وتترجمها أفعاله؛ حيث بلغت نسبة المشاركة مقربة اليوم الثاني كما أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات 45% من المقيدين بقاعدة الناخبين في انتخابات الرئاسة.
إن سرعة الاستجابة من قبل المصريين عبر بقوة عن شعورهم وفاعليتهم الإيجابية تجاه أدوارهم ومردودها على استقرار الدولة ومؤسساتها؛ لتقوم بأدوارها ومهامها في مناشط الحياة المختلفة دون توقف أو ابتداع أزمات ومشكلات تستهدف أمن وأمان الدولة؛ لذا أكد المواطن المصري الأصيل على خروج صورة المشهد في شكله الرائع والملهم.
وفي الحقيقة نقلت وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية المشهد الانتخابي بكل حيادية واحترافية وعلى مسافة متساوية من جميع المرشحين دون تحيز أو إشهار لأحد بعينة أو تأييد لتوجه بصورة مقصودة، وهذا المشهد وراءه تخطيط متميز وجهود مضنية ومتواصلة كي لا يستطيع المشككون أن يكذبوا المشهد الديمقراطي الذي تحتفي به البلاد بربوعها المختلفة.
ومؤسسات الدولة الرسمية احترمت كامل إرادة المصريين؛ لذا قدمت كافة التسهيلات للعملية الانتخابية بشكل تام، دون شروط أو إيحاءات أو إملاءات تذكر؛ لأن الفكر الرسمي قائم على تحمل المسئولية والشراكة في بناء الدولة من خلال ديمقراطية حقيقة لا تقبل التشكيك أو التزييف، ويقال عن ذلك بموضوعية أنه وعي وطني عام، وهذا ما ساهم في زيادة المشاركة لتبلغ هذا الحد غير المتوقع (45%) قبل انتهاء اليوم الثاني.
ونثمن دور السادة الأكارم قدوة المجتمع بمؤسساته الدعوية والإعلامية والفنية والقيادية في حرصهم ودعمهم للعملية الديمقراطية بربوع الدولة؛ حيث مشاركاتهم الفعالة من خلال إقدامهم المبكر على صناديق الانتخابات ليدلوا بأصواتهم ويؤكدوا على أهمية المشاركة كي تبحر سفينة الوطن تجاه التنمية المستدامة، ودور كل مصري الرائد في نهضة الوطن وحماية أمنه وأمانه.
لقد ضربت الدولة المصرية المثل الرائع في الأعمال التطوعية في خدمة البلاد؛ فشاهدنا جودة التنظيم وكفاءة الأداء والعطاء، في كل مكان أقيمت به المحافل الوطنية؛ حيث إن خدمة المجتمعة غاية يسعى الجميع لنيل شرفها دون مقابل من قبيل إيمان داخلي يقوم على مبادئ وقيم مجتمعية نبيلة.
ومشهد التجمعات الأسرية ومن خلال ميادين العمل بدت متميزة تشير إلى الوعي المجتمعي الشامل الذي تقبل قيم المشاركة بكل قناعة ورضا في مشهد جماهيري أكثر من رائع، وهذا الأمر كان لا مركزي مما يؤكد على أن النسيج المصري روابطه متينة يصعب أن ينتهكه المغرضين وأصحاب الأجندات.
وجدير بالذكر أن الأحزاب قامت بدور فاعل في توعية جموع الشعب بأهمية المشاركة، وهذا واجبها الوطني ودورها الحقيقي تجاه المجتمع الذي يعقد عليها الآمال في توصيل مطالبه، وتحقيق احتياجاته، وتطلعاته الحالية، والمستقبلية؛ بالإضافة إلى حلم الأمن والطمأنينة التي تسعى لها شعوب الأرض.
نشكر كل من ساهم ويساهم في خروج المشهد الانتخابي المصري في صورته المشرفة التي اتسمت بالصدق والموضوعية والشفافية، وأفسحت المساحة لجميع الآراء والتوجهات لجميع الناخبين، وكذلك تحري المهنية والحيادية في صورة التعاملات باختلاف مشاهدتها ومراحلها وأماكنها، وننتظر أن تحقق المشاركة أرقامًا ونسب قياسية في هذا العرس المصري الكبير.
حفظ الله وطننا الحر، ودامت ديمقراطيته وثمرتها في ربوعه المختلفة، ووفق المخلصين من أبنائها لخدمة البلاد والعباد.. تحيا مصر بشُرفائِها.