توصل بحث جديد إلى أن "الروبوتات البشرية" المجهرية، التي تم إنشاؤها باستخدام خلايا من القصبة الهوائية البالغة، قادرة على شفاء أنسجة المخ التالفة في المختبر.
وجدت الأبحاث أن "الروبوتات البشرية" المجهرية، يمكن أن يشفي أنسجة المخ التالفة، حيث إن الروبوتات الصغيرة المصنوعة من خلايا الجسم نفسها يمكن أن تكون طريقة جديدة لإصلاح الأنسجة التالفة وعلاج الأمراض.
ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، إن هذه التكنولوجيا تفتح الباب أيضًا لامكانية حصول المرضى على خدماتهم "الشخصية" الخاصة بهم من خلال روبوت للبحث عن أي ضرر وإصلاحه، قد يؤدي هذا الاكتشاف إلى استخدام الروبوتات الحية لتنظيف الشرايين المسدودة، وإصلاح الحبل الشوكي المعيب وتلف الأعصاب في شبكية العين في الجزء الخلفي من العين، وتوصيل الأدوية إلى أجزاء معينة من الجسم المتضررة.
ويدرس العلماء بالفعل استخدام الروبوتات المصغرة في الرعاية الصحية، لإجراء تنظير القولون، ووقف النزيف، وتشخيص الأمراض وعلاجها، على سبيل المثال، ولكن حتى الآن، شمل ذلك بشكل أساسي روبوتات من صنع الإنسان مبرمجة للتحرك في جميع أنحاء الجسم وتنفيذ مهام محددة.
يشير البحث الجديد إلى أنه يمكن صنع روبوتات صغيرة مماثلة باستخدام الخلايا البشرية أيضًا، وسيكون لهذا مزايا كبيرة لأنه من غير المرجح أن يرفض الجسم الروبوتات المصنوعة من خلايا المريض نفسه.
ولإنشاء الروبوتات البشرية - أخذ العلماء في جامعة تافتس في ماساتشوستس خلايا من سطح المرضى، وبالتحديد من القصبة الهوائية، تم اختيار هذه الخلايا لأنها تحتوي على أهداب، وهي هياكل صغيرة تشبه الشعر تتموج ذهابًا وإيابًا وتلتقط الغبار والحطام في الشعب الهوائية بحيث يمكن طردها من الجسم عن طريق السعال أو تنظيف الحلق، والفكرة هي أن الأهداب قد تساعد الخلايا على الحركة.
أراد الباحثون معرفة ما إذا كانت هذه الخلايا، عند إخراجها من بيئتها المعتادة، يمكنها إعادة تشغيل نفسها وإيجاد طرق للقيام بمهام جديدة في الجسم، مثل البحث عن الأنسجة التالفة وعلاجها.
أولاً، تم السماح لخلايا القصبة الهوائية المفردة بالنمو والتكاثر في المختبر لمدة أسبوعين، ثم تم نقلها إلى طبق آخر، إلى ظروف شجعت الأهداب على التوجه نحو الخارج - بدلا من الاستلقاء بشكل مسطح - بحيث تعمل مثل الأرجل في الحركة، وتفاجأ الباحثون عندما اكتشفوا أنه في غضون أيام قليلة، بدأت الروبوتات - المكونة من بضع مئات من الخلايا - في التحرك في طبق بتري، حيث تعمل أهدابها مثل المجاديف، كانت هناك أنماط مختلفة من الحركة: بعض الخلايا تتحرك في خطوط مستقيمة، وأخرى في دوائر ضيقة، قام البعض بدمج هذه الحركات أو التلويح على الفور.
ثم أضافها الباحثون إلى طبقة من الخلايا العصبية البشرية في طبق بتري الذي تم خدشه بقضيب معدني رفيع، مما أدى إلى إنشاء "جرح" أو تلف الأنسجة.
الروبوت لعلاج الانسجة التالفة بالجسم
وأظهرت النتائج، التي نشرت في مجلة العلوم المتقدمة، أنه عند وضعها في الخلايا العصبية المتضررة، بدأت الروبوتات في العمل، وتجمعت معًا لتشكل "روبوتًا خارقًا"، - وهذا ما شجع على نمو خلايا جديدة في المنطقة المتضررة، في غضون 3 أيام، وجد الباحثون أن الضرر قد شفي تمامًا.
ليس من المفهوم بالضبط كيف تعمل هذه الروبوتات على تعزيز الشفاء في الأنسجة البشرية، لكن العلماء يقولون إن الروبوتات "يمكن تخصيصها لكل مريض"، لعلاج المرض - مع فكرة أن الخلايا المختلفة من المريض قد تكون قادرة على أداء وظائف مختلفة، إنه لأمر مدهش وغير متوقع على الإطلاق أن خلايا القصبة الهوائية الطبيعية، دون تعديل الحمض النووي الخاص بها، يمكنها التحرك من تلقاء نفسها وتشجيع نمو الخلايا العصبية عبر منطقة الضرر".
يقول مايكل ليفين، أستاذ علم الأحياء في الجامعة، نحن الآن ننظر إلى الآلية ونتساءل عما يمكن أن تفعله هذه التركيبات."
وقال الباحثون، إنه بمجرد حقنها في الجسم والقيام بعملها، تموت الروبوتات بشكل طبيعي بعد بضعة أسابيع ويمتصها الجسم، وفي المستقبل، يمكن إضافة ميزات أخرى إلى الروبوتات حتى تتمكن من تنفيذ مهام مختلفة.
ووصف الدكتور ميسم كيشافارز، الباحث المشارك في إمبريال كوليدج لندن، والذي يدرس استخدام الروبوتات الدقيقة في الطب، النتائج بأنها "نقطة انطلاق نحو الطب الشخصي"، ومع ذلك، قد يستغرق الأمر ما بين 10 إلى 15 سنة أخرى قبل أن يصبح متاحًا.
وقال: 'هذا حاليا دليل على المفهوم وفي مرحلة مبكرة من التطوير، ومع ذلك، فإن دمج الخلايا المشتقة من الإنسان في الروبوتات الدقيقة يمكن أن يؤدي إلى علاج أكثر تخصيصًا، حيث لن تشكل الاستجابة المناعية للمريض مشكلة.