على مدى ثلاثة أيام أثبت المصريون أنهم على قدر الوعى والمسئولية الوطنية، وأنهم فى لحظات تاريخية معينة يقفون على قلب رجل واحد ويدقون الكعوب فى صفوف وطوابير وتتعالى أصواتهم بالملايين: "كلنا جاهزين".
انتصرت إرادة المصريين وحطموا أوهام وأحلام كل من راهن على العزوف والسلبية وعدم الاكتراث والاهتمام والمشاركة والنزول إلى لجان الانتخابات... أوهام المتآمرين والخونة الذين لم يقرأوا جيدا ويعرفوا مواقف هذا الشعب العظيم طوال تاريخه ولم يدركوا موروثاته الحضارية منذ آلاف السنين وجيناته الوطنية ووعيه الفطرى فى عشق الوطن منذ فجر التاريخ.
راهن الخاسرون والمهزومون والفشلة على خلو اللجان من ناخبيها وخواء الصناديق من أوراقها فقد صوبوا فوهات مدافع أكاذيبهم وبنادق شائعاتهم نحو المصريين، وحاولوا بكل ما يملكون من أدوات الدعاية الكاذبة "تمصير" الأزمات الدولية للسيطرة على وعى المصريين، وبث الفتنة بينهم وبين قيادتهم السياسية، فكأنه ليس هناك أزمات اقتصادية وارتفاع أسعار سوى فى مصر وليس هناك أمراض وجوائح إلا فى مصر وليس هناك حروب إلا على حدود مصر فجاء الرد قويا قاسيا وصفعة مدوية على وجه الواهمين.
قفز المصريون فوق معاناتهم وتناسوا مصاعبهم الحياتية والمعيشية ومصالحهم الشخصية وارتفعوا وارتقوا بمصلحة الوطن عاليا وفوق أى شىء فالوطن فى محنة ويواجه تحديات وجودية ومصيرية تتضاءل أمامها وتهون أى مشاكل وأزمات أخرى... أعاد المصريون أمام لجان الانتخابات صور مجيدة من كفاحهم ونضالهم صبرهم وتضحياتهم فى التاريخ الحديث والمعاصر من أيام النكسة حتى انتصار أكتوبر وما عاشه الشعب من معاناه من أجل رد الاعتبار وكرامة مصر وعبور الهزيمة .. ولم يتبق عالقا فى الذاكرة الجمعية سوى الانتصار والفرح رغم محاولات العدو الصهيونى لكسر عزيمة وإرادة المصريين على القتال والحرب، وصورة الثلاثين من يونيو والاستفتاء على الدستور فى 2014 وتلبية نداء القيادة السياسية لحفر قناة السويس الجديدة.
خرج المصريون طوال 3 أيام ليس فقط للتصويت بالأوراق فى صناديق الانتخابات الرئاسية وإنما للتصويت لصالح مصر ووحدتها وتماسكها وقوتها واستقرارها وأمنها القومي، ولمنح الشرعية من جديدة لإرادة 30 ثورة يونيو وإدارة الحكم الرشيد العاقل فى البناء والتنمية والحفاظ على سلامة أراضى الوطن وصون حدوده، وبنسبة قياسية غير مسبوقة فى عدد الأصوات، صوت المصريون من أجل استكمال العمل والبناء فى الجمهورية الجديدة ومن أجل مستقبل الدولة القوية القادرة.
اصطفاف المصريين بكل أطيافهم كانت الرسالة الأقوى للخارج الذى قرأ ودرس وفهم الرسالة جيدا، فهذه الحشود هى تفويض شرعى جديد لقيادة مصر وبأن وراءه ملايين من جنود الداخل وأن مصر عندما تنادى أبناءها تسابقوا صفوفا فى هواها وترخص أرواحهم فداها.
تعظيم سلام لهذا الشعب العظيم من السيدات والفتيات، وبرجاله وشبابه وشيوخه وأطفاله، فهو الشعب المعلم دائما وواهب الدروس لكل من يريد أن يتعلم معانى الفداء والتضحية وإيثار المصلحة الوطنية ورافع اسم مصر أولا رغم أى أزمات.
وكما تحدث صلاح جاهين بلسان المصريين جميعا وأصاب حينما قال:
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندى أحب وأجمل الأشياء
بحبها وهى مالكة الأرض شرق وغرب
وبحبها وهى مرمية جريحة حرب
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زى الداء
واسيبها وأطفش فى درب وتبقى هى ف درب
وتلتفت تلاقينى جنبها فى الكرب
والنبض ينفض عروقى بألف نغمة وضرب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة