تَعَوَدتُ أن أستيقظ مُبكراً، أقوم بفتح الإيميل الخاص بى لأرى ما وَرَد إلي من بيانات صحفية وإعلامية صادرة عن مؤسسات إقليمية ومنظمات دولية، ومُنذ ( 7 أكتوبر ) المُنقضى ومع تطور المواجهات فى قطاع غزة أُتابِع بشكل يومى البيانات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة _ التى تأتى على إيميلى الخاص _ لكى أعلم حقيقة الموقف الدولى تجاه الاعتداءات الإسرائيلية على الأشقاء الفلسطينيين وتحديداً فى قطاع غزة، لهذا أجدنى أُشيد بموقف الأمم المُتحدة وأمينها العام أنطونيو جوتيرش الذى اتخذ موقفاً مُشرِفاً _ يُحسب له _ تجاه إسرائيل ويدل على أنه لا يقف مكتوف الأيدى أمام عدوانها على قطاع غزة وانتهاكها القانون الدولى الإنسانى ويدل أيضا على توافقه مع وجهة نظر مصر بنسبة ٩٥% .
فى ٢٠ أكتوبر جاء "جوتيرش" إلى مصر وذهب إلى معبر رفح وأشاد بالدور المصرى وقال جُمل فى غاية البلاغة وهى ( من المستحيل أن يكون المرء هنا من دون أن يقف بقلب مكسور، نحن نشهد حالة من التناقض، فمن وراء هذه الجدران يعيش مليونا شخص فى معاناة هائلة، حيث لا مياه ولا غذاء ولا دواء ولا وقود تحت النيران، وهم يحتاجون لكل شيء من أجل البقاء، على هذا الجانب رأينا الكثير والكثير من الشاحنات محملة بالمياه والوقود والأدوية والغذاء، نفس الأشياء تماماً المطلوبة على الجانب الآخر من الجدار، ومن ثم فهذه الشاحنات ليست مجرد شاحنات بل هى شريان حياة، إنها الفرق ما بين الحياة والموت بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص فى غزة، نحن لا نريد أن نعاقب شعب غزة مرتين، أولاً : بسبب الحرب، وثانياً : بسبب نقص الدعم الإنسانى، أُود أن أُعبِر عن امتنانى العميق لشعب وحكومة مصر، أن مصر اليوم هى الدعامة الأساسية التى تسمح بوجود الأمل على الجانب الآخر من الحدود، الأمل بأن تتحرك تلك الشاحنات لدعمهم، الأمل بأن المساعدات الغذائية والأدوية التى رأيتها على متن إحدى الطائرات التى هبطت ستذهب أيضا إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها، الأمل بأنه سيكون هناك مستقبل، الأمل بأنه يوماً ما سيحل السلام مع حل دولتين، حيث يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون فى أمان فى دولتين جنباً إلى جنب ) .. هذه الكلمات تجعلنى أفتخر ببلدى وبما تّقدمه للفلسطينيين وبما تتخذه من مواقف لدرجة إقدام الأمين العام للأمم المتحدة للإشادة بدورها.
وعندما أنهى "جوتيرش" زيارته لـ "مَعبر رفح" وذهب لمطار العريش قال نصاً لوسائل الإعلام ( جئت للتو من بوابة غزة _ معبر رفح _ محملاً بمشاعر عميقة وقلبٍ مكسور ) .. ليس هذا فقط بل إنه تحدث فى ( قمة القاهرة للسلام ) مُشيداً بالدور المصرى وتبنى _ أيضا _ الموقف المصرى، ثم قال فى كلمته فى الأمم المُتحدة نصاً ( أن ما تم تقديمه من مساعدات لقطاع غزة تُعتبر قَطرة فى بحر المساعدات المطلوبة، وغزة تُعتبر الأعلى عالمياً فى نسبة البطالة والفقر، حيث يعول الرجُل سِتَة أشخاص، وخلال عام ٢٠٢٢ ، فإنها كانت تُقطع فيها الكهرباء يومياً لمّدة ١٢ ساعة، والعمليات العسكرية التى ترتكبها إسرائيل براً وجواً تستهدف المدنيين والمستشفيات ومُخيمات اللاجئين والمدارس والمساجد والكنائس ومقرات الأمم المتحدة بما فيها الملاجيء )، وبعد إتمام الهدنة ومُبادلة الرهائن ودخول المساعدات أشاد بالدور المصرى مرة أخرى وبِدور الهلال الأحمر المصرى .. وفى ( ٢٩ نوفمبر ) وخلال اليوم الدولى للتضامن مع الشعب الفلسطينى أكد قائلاً نصاً : أن الفلسطينيين فى غزة يعانون من كارثة إنسانية، فقد أُجبر ( ١٫٧ ) مليون شخص على ترك ديارهم، غير أنه ما من مكان آمن يمكنهم إتخاذه ملاذاً
.. وقَدَم "جوتيرش" فى ( ٢٩ نوفمبر ) ملاحظاته أمام مجلس الأمن بشأن الأحداث فى الشرق الأوسط وقال كلمات هادفة ودقيقة ومُعَبِرة والتى إعتبرها البعض بأنها مُلاحظات كاشفة للأوضاع الحقيقية فى قطاع غزة، حيث أكد "جوتيرش" على أن ( القرار ٢٧١٢ ) تم إعتماده فى ظل حالات الموت والدمار الشامل وعلى نطاق أوسع فقد قُتِل _ وقتها _ أكثر من ( ١٤ ) ألف شخص منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، وأُصيب عشرات الآلاف من الفلسطينيين ولا يزال كثيرون آخرون فى عداد المفقودين، وأكثر من ثُلُثى القتلى هُم من الأطفال والنساء، وفى غضون أسابيع كان عدد من قُتل من الأطفال بِفِعِل العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة أكبر بكثير من إجمالى عدد الأطفال الذين قُتلوا خلال أى عام على يد أى طرف فى أى صراع منذ توليت منصب الأمين العام كما هو مبين بوضوح فى التقارير السنوية حول الأطفال والنزاعات المسلحة والتى قدمتها إلى مجلس الأمن
.. الأرقام التى كشف عنها "أنطونيو جوتيرش" أوضحت وحشية الإحتلال الإسرائيلى حينما قال نصاً : مِن الواضح أننا شهدنا إنتهاكات خطيرة قبل الهدنة، وبالإضافة إلى العدد الكبير من المدنيين الذين قُتلوا _ طبقاً للنص الرسمى لمُلاحظاته والتى عَرَضها أمام مجلس الأمن _ وجُرِحوا والذين تحدثت عنهم فإن ( ٨٥% ) من سكان قطاع غزة قد أُجبِروا على تَرك منازلهم، ويتم دفع هذا العدد المتزايد من السكان نحو منطقة أصغر جنوب قطاع غزة، وبطبيعة الحال لا يوجد مكان آمن فى غزة، وفى الوقت نفسه تَعَرَض ما يُقَدَر بنحو ( ٥٥% ) من جميع الوحدات السكنية فى قطاع غزة لأضرار أو للدمار، أن طبيعة وحجم الموت والدمار تدل على إستخدام الأسلحة المتفجرة على نطاق واسع فى المناطق المأهولة بالسكان وتأثيرها الكبير على المدنيين
.. ما يَهمُنى هنا فى المقام الأول التأكيد على أن "أنطونيو جوتيرش" الأمين العام للأمم المتحدة أشاد بالموقف المصرى فى إتمام الهدنة وتقديم المساعدات وأيضاً تَبَنيه للموقف المصرى تجاه الإحتلال الإسرائيلى والتأكيد على موافقته على كافة الأُطروحات التى تتخذها مصر لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وهذا _ من وجهه نظرى _ إنتصار للدولة المصرية ودبلوماسيتها العريقة