تحدثت في المقال السابق، عن أول الأسباب التي تؤكد انتصار المقاومة الفلسطينية على الكيان المحتل، وهو نجاح المقاومة في كسر هيبة الجيش الصهيوني، وانهيار أسطورة كونه لا يهزم، وضياع جهد عشرات السنوات وإنفاق مليارات الدولارات على الدعاية المروجة للتخويف من إسرائيل، وتصويرها كقوة لا يمكن بحال من الأحوال هزيمتها.
وفى هذا المقال أتناول السبب الثاني لانتصار المقاومة الفلسطينية، وهو الدعم المصري اللامحدود، للقضية الفلسطينية، ليس اليوم ولا الأمس بل من عشرات السنوات، منذ 1948 وإلى اليوم.
لقد ارتبطت مصر بقضية فلسطين ارتباطا دائما ثابتا، لاعتبارات متعددة منها أن فلسطين امتداد للأمن القومي ومنها روابط الدم والقومية، ولذلك ارتبطت مصر بفلسطين بشكل لا تمليه المصالح أو الحسابات الدولية والإقليمية، وهذا الارتباط لم يتوقف منذ ما قبل 1952 وحتى اليوم.
ولن نغرق طويلا في التاريخ فمواقف رؤساء مصر السابقين معروفة ولا يستطيع أحد إنكارها، جهود حملت مصر فوق طاقتها واستنزفتها في حروب ومساعدات ومشكلات عالمية لا حدود لها، جهود مازالت آثارها باقية إلى اليوم.
وفى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013 تعاظم دور مصر، في فلسطين، واستمر الدعم المادى والعلمى والمعنوى لشعبها، وسعت مصر جاهدة إلى المصالحة بين فتح وحماس، وتعاملت كالأخ الكبر، الذى لا يتوقف أمام سقطات الصغار أحيانا، فمصر العظيمة تعرف أهمية القضية وجدانيا وقوميا، وتغار على فلسطين كما لو كانت جزء منها وهى كذلك.
ونجحت مصر بعد 2013 في تحقيق المصالحة بين حركتى فتح وحماس، من خلال توقيعهما على اتفاقية المصالحة، وبعدها حرص الرئيس السيسى على وقف إطلاق النار بين الفصيلين وفتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني.
وأكد الرئيس السيسى 2016 استمرار مساعى القاهرة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفى الازمة الخيرة دعت مصر جميع دول العالم لتقديم المساعدات، فشجعت الصديق وأحرجت الغريب على تقديم الدعم الإنساني لشعب فلسطين وهو ما كان له أكبر الأثر في استمرار المقاومة وعدم شعب غزة عليها.
وأنقذت مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى القضية الفلسطينية حين وقفت ضد المؤامرات الدولية لتهجير شعب غزة من أرضه، ولو لانت مصر بعض الشىء لضاعت القضية، لكن الرئيس بدا حازما قويا، باعتبار ذلك خطا أحمر، لا يمكن تجاوزه، وفى ذلك محافظة على القضية، لآن تفريغ غزة من سكانها هو نهاية لفلسطين.
وسيشهد التاريخ أن مصر أنقذت القضية الفلسطينية، في حرب 2023 وأن موقفها الصلب النابع من قوة الدولة ومؤسساتها هو الذى دمر المؤامرة، وحافظ على فلسطين، تماما كما أعادت المقاومة القضية إلى الواجهة بعد أن ظن البعض أنها انتهت إلى الأبد.. وليعلم الجميع إن لم يكن اليوم فغدا ما قدمته مصر حتى في هذه الآونة وإن غدا لناظره قريب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة