الموت يطارد البراءة، تحت نيران قصف المدافع ورصاص الرشاشات، والناجون من مجزرة الآلة النيرانية، فإن الموت جوعا ينتظرهم، والناجون من الرصاص والجوع، فإن المرض المعدى يلاحقهم، كارثة إنسانية يتعرض لها أكثر من 18 مليون طفل سودانى، يلاحقهم الموت بالرصاص والجوع والمرض، والأخطر أن هؤلاء لا يتلقون أى نوع من أنواع التعليم، فالمدارس والجامعات التى لم يطلها الدمار بفعل القصف، فإنها صارت أماكن إيواء المهجرين واللاجئين.
العالم تفكك أخلاقيا، وتدنى إنسانيا، ووضع ضميره فى الثلاجات الضخمة لتجميده، فلا يشعر بوخز من ضمير ولا أخلاق ولا حتى عقيدة دينية، فتتكحل عيونه صباحا ومساء بمناظر دماء وأشلاء ملايين الأطفال الفلسطينيين فى غزة للشهر الثالث على التوالى، ويستمتع بنغمات الأخبار القادمة من السودان والتى تتحدث عن مصير أكثر من 18 مليون طفل يحصدهم الموت، ويحاصر الناجون منهم، الجهل.
فى نهاية أغسطس الماضى، أفادت منظمة «سيف ذا تشيلدرن» «أنقذوا الأطفال» غير الحكومية، أنّ 498 طفلا «وربّما مئات آخرين» ماتوا جوعا فى السودان خلال 4 أشهر الأولى من بدء الحرب الدامية.
يمكن للحالمين والمتدثرين زيفا بعباءة الإنسانية، وحاملو شعارات الحرية وحقوق الإنسان ألا يتخيلوا قط رؤية هذا العدد الكبير من الأطفال يموتون جوعا، لكن هذا هو الواقع العملى والمتزايد يوما بعد يوم فى السودان الذى تأكله نيران مشتعلة بأيادى أبنائها وبتزكية من الخارج!
المأساة تتجلى فى أن المنظمات الإنسانية تتحدث عن أن هناك 31 ألف طفل يعانون من أمراض سوء التغذية، وأن المعارك أوقفت كل المساعدات لإنقاذهم من الموت، المبكى أنه فى شهر مايو الماضى، تعرض المصنع الذى كان ينتج 60 بالمئة من العلاجات الغذائية للأطفال للقصف والدمار.
منظمة «يونيسف» - من جانبها - أطلقت صرخة مدوية تحذر فيها من أن أكثر من 13.6 مليون طفل فى السودان بحاجة ماسة للدعم الإنسانى المنقذ للحياة، وهو أعلى رقم مُسجل على الإطلاق فى البلاد، فيما يهدد القتال حياة ومستقبل العائلات.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة إن «الحاجة إلى المساعدات الإنسانية أكثر أهمية من أى وقت مضى بالنسبة للأطفال فى السودان، وأن الكفاح والنضال الحقيقى هو الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة.
العالم يغض الطرف عن آلة الحرب الوحشية والبربرية التى تحصد ملايين الأطفال والنساء والكبار والشباب فى غزة عن عمد، ويتجاهلون تهديد أرواح أكثر من 18 مليون طفل سودانى، موتا بالرصاص والجوع، بجانب حرمانهم من أبسط حقوقه فى المعرفة، بتوقف العملية التعليمية برمتها فى البلد الشقيق المكلوم، عن عمد ليشكلان أبشع مأسى إنسانية يسجلها التاريخ فى سجلاته موثقة بالصوت والصورة!
ويتبقى نعمة الأمن والاستقرار فى مصرنا الغالية، لا تضاهيها نعمة، والحفاظ عليها فقه الضرورة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة