رسائل واضحة قدمها الشعب المصرى ولا يزال للرأى العام العالمى منذ ما يقرب من 3 أشهر، مفادها أن القضية الفلسطينية بمقدمة الأولويات، وأن الأمن القومى المصرى غير قابل للمساس، وهى الرسائل التى ظهرت جليًا فى تظاهرات المصريين بمختلف المحافظات فى الشوارع والميادين لإدانة آلة القتل الإسرائيلية الغاشمة، وللتفويض القيادة السياسية بشكل واضح لاتخاذ ما يلزم لرفع المعاناة عن أهالى قطاع غزة، وصيانة الحدود وضمان أمنها وسلامتها من أى اعتداء، أو أى سيناريو من شأنه النيل من تراب مصر، وتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسرى لسكان القطاع.
الموقف المشرف للشعب المصرى، لم يكن قاصرًا على المشاركة فى التظاهرات الشعبية المتضامنة مع غزة، أو مقاطعة المنتجات الغربية، وإنما امتد ليقدم للجميع درسًا فى الوعى السياسى، ظهر جليًا فى انتخابات الرئاسة المصرية 2024، والتى سجلت مشاركة هى الأعلى فى تاريخ مصر، لتقدم طوابير الناخبين رسالة دعم واضحة لمؤسسات الدولة المصرية وللقيادة السياسية، وتعلن صراحة عن إدانتها للعدوان على غزة، ولرفضها أى سيناريو يمس السيادة المصرية.
وفى خطابه للشعب المصرى، اعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى أن مشهد الانتخابات يدعو للامتنان لكل المصريين الذين "شاركوا فى هذا الحدث وفى هذا الظرف الدقيق، والذى تواجه فيه الدولة.. حزمة من التحديات على كافة المستويات يأتى فى مقدمتها، تلك الحرب الدائرة على حدودنا الشرقية.. والتى تستدعى استنفار كل جهودنا للحيلولة دون استمرارها.. بكل ما تمثله من تهديد للأمن القومى المصرى بشكل خاص.. وللقضــــــــــية الفلســــــــــطينية بشـــــــــكل عــــــــــام".
وأضاف الرئيس السيسى:" كأن اصطفاف المصريين كان تصويتا للعالم كله من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية وليس لمجرد اختيار رئيسهم لفترة رئاسية، فى مشهد حضارى راق تضافرت فيه جهود الدولة - حكومة وشعبا - ليخرج بهذا المظهر المشرف".
كلمات الرئيس السيسى، والمشاركة الحاشدة للمصريين فى انتخابات الرئاسة الأخيرة، جائتا فى وقت تواجه فيه الدولة المصرية والمنطقة العربية بأكملها ظرفًا استثنائيًا بعد قرابة 3 أشهر من العدوان الإسرائيلى على غزة والذى يهدد الشرق الأوسط بحرب إقليمية متعددة الأطراف وتسعى من خلاله حكومة بنيامين نتنياهو لنسف القضية الفلسطينية برمتها من خلال تفريغ قطاع غزة من سكانه عبر التهجير القسرى والاستهداف المستمر للمدنيين والأطفال.
المخطط المشبوه الذى تواجهه المنطقة، والذى رفضه الشعب المصرى بشكل قاطع وأعلن تأييده للقيادة السياسية فى مواجهة أطرافه، كان محور العديد من التقارير الغربية، ومن بينها تقرير لمركز كارنيجى الدولى للسلام، والذى سلط الضوء على تاريخ محاولات إسرائيل المشبوهة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول الجوار ومن بينها مصر والأردن، مشيرًا إلى أن مخاوف تصفية القضية الفلسطينية عادت مجددًا بعد العدوان الأخير على القطاع.
وبحسب التقرير، فإن الدعوات التى ترددها حكومة بنيامين نتنياهو، سبق وأن أطلقها فى السابق، رئيس وزراء إسرائيل الراحل أرييل شارون، بجانب سياسيين إسرائيليين آخرين، حيث أدعوا أن الأردن ومصر يمكن أن يصبحا وطنا بديلا للفلسطينيين.
وأشار التقرير، إلى أن وجهات نظر شارون الهامشية سابقا، أصبحت الأن فى المقدمة الأن حيث يضم الائتلاف الحكومى الحالى فى إسرائيل وزيرين لا يعتقدان أن الضفة الغربية وغزة تنتميان إلى إسرائيل فحسب، بل يعتقدان أيضًا أن الفلسطينيين الذين يعيشون هناك ليس لديهم الحق فى البقاء داخل تلك الأرض.
وخلال الشهر الماضى، أعلنت كل من مصر والأردن مرارا وتكرارا أن حدودهما لن يتم فتحها لاستقبال ولو فلسطينى واحد ليس كوسيلة لحرمان الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية الذين يتعرضون للهجوم، بل كخطوة مضادة لحرمان إسرائيل من فرصة إفراغ المنطقة.
وفقا لكارنيجى فان موقف الحكومة الأردنية منطقى، حيث أوضحت إسرائيل من خلال العديد من التصريحات الحكومية أنها لا تنوى إنهاء الاحتلال أو السماح بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على أساس حدود عام 1967. والموقف الإسرائيلى الواضح هو أن أفضل ما يمكن للفلسطينيين أن يأملوا فيه هو أكثر من مجرد الحكم الذاتى ولكن أقل من دولة.
وبخلاف مصر ورفضها القاطع ومواقفها الواضحة فى الدفاع عن ثوابت القضية الفلسطينية ورفض تفريغ القطاع من سكانه، سلط تقرير كارنيجى الضوء بشكل أكبر على الوضع داخل الأردن، ومخاوفها المدفوعة بعوامل ديموغرافية حيث تجاوز عدد، الفلسطينيين فى المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الآن عدد اليهود الإسرائيليين: 7.4 مليون فلسطينى، بعضهم مواطنون إسرائيليون، إلى 7.2 مليون إسرائيلى والاتجاه الواضح أن الأغلبية الفلسطينية سوف تتزايد مع مرور الوقت.
وبحسب تقرير كارنيجى، فلا يمكن لإسرائيل أن تستمر فى العمل كأقلية تحكم أغلبية من السكان ببنية قانونية تشبه الفصل العنصرى ــ وهى التسمية التى تستخدمها منظمة بتسيلم (أكبر منظمة لحقوق الإنسان فى إسرائيل)، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، وغيرها الكثير.
ويعتبر المواطنون الفلسطينيون فى إسرائيل، الذين يمثلون 21% من سكانها، مواطنين من الدرجة الثانية قانونيًا بعد أن أعلن قانون عام 2018 أن البلاد دولة قومية للشعب اليهودي. ويخضع الفلسطينيون تحت الاحتلال أيضًا لنظام قانونى منفصل عن المستوطنين اليهود الذين يعيشون فى الضفة الغربية والقدس.
وعندما يدرك الفلسطينيون تحت الاحتلال أنه لن يُسمح لهم بإقامة دولة خاصة بهم، فإن البديل الوحيد أمامهم هو المطالبة بحقوق سياسية متساوية حيث يعيشون - وهو ما سيكون نهاية الحلم الصهيونى بدولة يهودية ديمقراطية.
وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار حازم بدوى، قد أعلنت عصر اليوم فوز المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى، بمنصب رئيس الجمهورية لولاية جديدة، بعدد أصوات 39 مليون و702 ألف و451 صوتا بنسبة 89.6%.
وقال المستشار حازم بدوى رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، فى مؤتمر صحفى عالمى عقدته الهيئة عصر الإثنين، أن الانتخابات الرئاسية 2024، كانت أعلى نسبة مشاركة من الناخبين فى تاريخ الانتخابات والاستفتاءات التى جرت فى مصر.
وأكد المستشار حازم بدوى، خلال إعلانه نتيجة الانتخابات الرئاسية، أن الشعب المصرى قال كلمته ووصلت الرسالة، وهى أن مصر غاية المراد، مشيرا إلى أن المصريون اصطفوا أمام لجان الاقتراع داخل مصر وخارجها، صانعين ملحمة فى حب مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة