حرصت الدولة المصرية على توفير المناخ الاجتماعي الداعم الذي يساعد على تعضيد علاقات المودة والعطف وحب الآخرين والتعاون واحترام حقوق الغير ويحقق المساواة، وهذا ما أكد ماهية الشراكة في كافة القضايا المجتمعية إعمالًا بمبدأ الشفافية، وأنه لا مكان للغرف المغلقة؛ حيث أصبح الشعب المصري الواعي العظيم مندمجًا مع مؤسسات الدولة ويشاركها بفعالية في شتى القضايا التي تواجه الوطن، ومن ثم تضافره معها في البحث عن حلول لهذه القضايا، مما أدى إلى اصطفاف مجتمعي يشار إليه بالبنان من القاصي والداني بالداخل والخارج على السواء.
وقد اهتمت الدولة المصرية بثروتها البشرية خاصة في الفئة الشبابية التي تمثل أكثر من 60% والتي تُعد طاقات داعمة للاقتصاد المصري في مجالاته المختلفة، ومن ثم دشنت المبادرات الشبابية والمشروعات القومية لتستوعب تلك الطاقات وتستثمرها بصورة وظيفية، من خلال فتح مجالات العمل في صوره المختلفة ومسارته المتعددة، وهذا ما ساهم في الحد من البطالة بزيادة القدرات التشغيلية بهذه المشروعات بشتى تنوعاتها بربوع الوطن الحبيب.
وعمدت الدولة بكامل مقدرتها على مواجهة التحدي الديموغرافي المرتبط بتركيبة السكان بشكل محترف وحولتها لمنحة عن طريق التثقيف السكاني والاستثمار الأمثل في رأس المال البشري، واستطاعت تحقيق المساواة والتمكين في الحقوق والفرص، ووفرت الموارد في كل المناطق الجغرافية بربوع الدولة المصرية، وفي الريف والحضر على حد سواء، وعززت الشمول المالي، ومكنت فئة الشباب، ودعمت مشاركتهم في التنمية، وهذا بالطبع ساهم في تعزيز روح الولاء والانتماء للهوية والقومية المصرية.
وفي ذات السياق نؤكد على أن الأمن القومي المصري في بُعده الاجتماعي لا ينفك عن الجانب الاقتصادي؛ فيصعب أن نحقق ماهية الاندماج الاجتماعي بعيدًا عن مبدأ تكافؤ الفرص؛ فالعدالة لا تتجزأ، ومن ثم تحرص الدولة المصرية على رفع مستوى المعيشة لكافة طبقات المجتمع؛ لتأكيد المشاركة والدافعية المجتمعية، بما يؤدي إلى الحفاظ على النسق العام للمجتمع، ويزيد من دعم سياسات الدولة، والتوجه لتحقيق غاياتها العليا، وفي مقدمة ذلك تحقيق الأمن القومي المصري في بُعده الاجتماعي.
ويُعد الفساد الاجتماعي من التهديدات الكبرى التي تضير بالأمن القومي المصري؛ لذا وجهت القيادة السياسية إلى تطبيق الحوكمة باعتبارها أداة فعالة في مواجهة الفساد الإداري والمالي؛ كي تتحقق الرعاية والصيانة المستمرة لأوضاع مؤسسات الدولة؛ فبواسطتها تتوافر نظم المراقبة المحاسبية والمالية وتعمل على تحقيق رؤية المؤسسة المستقبلية، ودفعها لتحقيق غاياتها.
وبما أن غياب ثقافة العمل الجاد والدؤوب والمتواصل وضعف الإنتاج عالي الجودة الملبي لاحتياجات السوق وقلة المطابقة للمعايير والمواصفات العالمية، تهدد الأمن القومي المصري؛ فقد اهتمت الدولة المصرية بتعضيد أخلاقيات العمل الوطني؛ فما يمتلكه الفرد من مهارات نوعية تمكنه من الأداء بمستوى يتسم بالسرعة والإتقان وفق إجراءات العمل المعلومة، والابتعاد عن المعوقات والممارسات التي تحد من إنجاز الأعمال ولا تتسق مع المعايير التي تقرها المؤسسة، وهذا يرتبط بامتلاك الفرد أيضًا لمقومات الصبر والانضباط والمقدرة على التحمل والتعامل الحسن مع الآخرين برغم ما يواجهه من ضغوط، والتعاون المثمر لإنجاز الأعمال، بالإضافة للاتزان الانفعالي، الذي يمكن الفرد من التأدب والحكمة في التعامل.
ولا جدال حول أن تفكك العلاقات الاجتماعية السوية بالمجتمع وتبدل النسق القيمي يعد من مهددات الأمن القومي المصري؛ لذا عمدت الدولة على تلبية حقوق واستحقاقات المواطنين؛ فتقدم عبر مشروعاتها ومبادراتها المستمرة مقومات الأمن الاقتصادي؛ لتشمل رعاية الذين يبلغون الشيخوخة، والعجزة، وأصحاب الهمم، والأطفال، والأشخاص الذين يعانون من وطأة الفقر المدقع، والعاطلون عن العمل لأي سبب من الأسباب الخارجة عن إرادتهم، وهذا ما أدى إلى أن يندمج كل فرد أو فئة اجتماعية في أنشطة المجتمع المختلفة؛ لتحدث اللحمة الوطنية التي نراها في الدولة المصرية.
وثمة استاق واضح بين الأمن القومي المصري في بُعده الاجتماعي والحق في التعليم الذي نص عليه الدستور المصري؛ لذا يُعد من المتطلبات ذات الأولوية للتأمين الاجتماعي، ومن ثم أتاحت الدولة المصرية تنوعًا في التعليم يُلبي الحرية في اختيار النمط الذي يُلائم المواطن، كما ساعدت في انتشار المؤسسات التعليمية في أرجاء وربوع الوطن؛ ليتاح للجميع دون تمييز، مع الأخذ في الاعتبار توافر المعايير وعنصر المتابعة والرقابة ، ما يضمن نمو المواطن في كافة الجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية، وتتكون لديه ماهية الولاء والانتماء تجاه الوطن.
كما بذلت الدولة جهودًا واضحة في توفير المسكن الآمن لأبناء الشعب المصري؛ إذ وفرت مدنًا جديدة في كافة المحافظات؛ لتستوعب الطلب المتزايد، وتقضي على العشوائيات، وتمكن الفئات المهمشة في نيل حقها بما يحفظ عليها كرامتها وأمانها، وبما يمكن الجميع من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة على قدم المساواة، وهذا متطلب رئيس من متطلبات الأمن القومي المصري في بُعده الاجتماعي مما يقوى من عزيمتنا للاستمرار بخطى ثابتة وقوية وواثقة لتحقيق النهضة وجودة الحياة التي نصبو إليها جميعاً بالجمهورية الجديدة وننعم بهبة الأمن والأمان ببلدنا الحبيبة مصر أم الدنيا بلد التاريخ والحضارات.
حفظ الله بلادنا العظيمة وشعبها الآبي وقيادتنا السياسية ووفقها لما فبه خير البلاد والعباد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة