يقترب العدوان على غزة من إنهاء الشهر الثالث، من دون أفق لوقف العدوان، ويصر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبعض وزراء حكومته، على استمرار الحرب من دون أفق واضح، بالرغم من استمرار سقوط الضحايا المدنيين أغلبهم من الأطفال وكبار السن، مع زيادة انتقادات معارضى نتنياهو لاعتماده على الحرب التى لم تحقق الأمان أو الاستقرار، بل إنها أدخلت الكيان فى أزمة إضافية انعكست على غضب داخل إسرائيل، ويعتبر كثيرون أن تصريحات نتنياهو ومجلس حربه باستمرار الحرب تخفى غياب أى تقارير عن تحقيق نتائج استراتيجية، ومن دون تصور حول ما يمكن أن يحققه العدوان أكثر من قتل آلاف الأطفال مقابل ارتفاع قتلى جيش الاحتلال منذ بدء الاجتياح البرى.
ومنذ بدء العدوان كانت مصر والأردن أكثر الدول تحركا لاحتواء الموقف، ومنع التصعيد خوفا من توسع رقعة العمليات التى يمكن أن تعصف بأمن واستقرار دول الإقليم، وحذرت مصر والأردن من اتساع النزاع إقليميا فى حال استمرار التطرف الإسرائيلى، عمل وزيرى خارجية مصر والأردن بتنسيق مشترك لتشكيل جبهة موحدة للدفع نحو الضغط لوقف العدوان واستمرار إدخال المساعدات إلى غزة.
وتجددت هذه المواقف مع القمة التى عقدها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والملك عبدالله الثانى بن الحسين، أمس، ضمن التنسيق والتشاور بين البلدين، حول تدهور الأوضاع فى قطاع غزة، جراء استمرار العدوان الإسرائيلى، والمأساة الإنسانية التى تواجه القطاع، والتى خلفت آلاف القتلى والجرحى ومئات الآلاف من النازحين، فضلا عن التدمير الواسع الذى أصاب البنية التحتية والمنشآت فى القطاع.
وجدد الرئيس السيسى والملك عبدالله، رفضهما التام لجميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية، أو لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخليا، وشددا على أن الحل الوحيد الذى يجب أن يدفع المجتمع الدولى نحو تنفيذه هو الوقف الفورى لإطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإغاثية بالكميات والأحجام والسرعة اللازمة لتخفيف معاناة أهالى القطاع، مع الدفع الجاد نحو مسار سياسى للتسوية العادلة والشاملة، يفضى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.
مصر والأردن يواصلان التنسيق فى كل الملفات الخاصة بوقف إطلاق النار، والمبادرات والاتصالات المختلفة مع الأطراف المتعددة لوقف العدوان، والمبادرة المصرية المقترحة بشأن إنهاء الحرب على قطاع غزة، بجانب ضمان تطبيق القرارات الأممية لتدفق المساعدات إلى القطاع الذى يواجه أزمة إنسانية كبيرة بسبب نقص أساسيات الحياة، مع الأخذ فى الاعتبار للدور المصرى فى صفقات إطلاق المحتجزين خلال الهدنة الأولى، والتى يمكن أن تكون قاعدة لبناء خطوط جديدة لوقف العدوان، مقابل إطلاق سراح المزيد من المحتجزين، تمهيدا لاتفاق أوسع يتضمن وقفا دائما لإطلاق النار.
كل هذه الخطوات يتم التنسيق فيها بين كل من مصر والأردن، ضمن خطوات متواصلة لوقف العدوان، خاصة أن استمرار العدوان بجانب ما يثيره من غضب دولى ضد نتنياهو والولايات المتحدة، فإنه يضاعف من الصعوبات التى يواجهها الاقتصاد الإسرائيلى منذ 7 أكتوبر، مع استمرار الخسائر بين قوات العدوان، واستمرار استدعاء نحو 900 ألف للجيش، وتضاعف البطالة، وبالتالى فإن هذا الوضع قد يجبر الحكومة الإسرائيلية على قبول وقف العدوان.
وبالطبع فإن كل من مصر والأردن يواصلان الاتصالات مع الأطراف الدولية والإقليمية، لضمان تنفيذ القرارات الأممية باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية تحت إشراف أممى، وصولا إلى وقف العدوان، وقطع الطريق على مخططات التصفية والتهجير، التى تصدت لها مصر والأردن بكل قوة.