أستعجب بشدة من سياسة وإدارة المسارح في مصر بقطاعاتها المختلفة، فالجهات الإنتاجية بها تقدم عروضًا ناجحة بها مسرح حقيقي ورسائل ومضامين ثقافية مع تحقيق المتعة الفنية، وهذا لمسته في آخر عرضين شاهدتهما: "الحفيد" للفنان يوسف المنصور على المسرح القومي، و"شفيقة المصرية" على مسرح البالون، والعملان في الليلتين اللتين شاهدتهما فيهما كان الجمهور متفاعلاً وحاضرًا بقوة وكثافة، فلماذا غلق المسرحيات الناجحة؟!.. ولماذا إهدار تعب صناعها بعدد ليالي قليلة؟!
مسرحية "الحفيد" قدم خلالها المخرج والفنان يوسف المنصور معالجة ذكية جدًا لروايتي "الحفيد، أم العروسة" ناقش خلالها موضوعًا اجتماعيًا مهمًا جدًا وهو المشاكل التي تنتج ما بين اختلاف الأجيال في التربية وأساليبها، وتوارث العقد والمشاكل، وغيرها من المحاور التي قدمها في العمل بشكل كوميدي هادف معتمدًا على المواقف، واختار فريق عمل من الممثلين أحييه عليه، لأن كل ممثل أجاد وأبدع في دوره وأخص بالذكر الفنانة سما إبراهيم في دور زينب، والفنان شادي سرور في دور "حسين" والفنان عابد عناني، والفنان محمد مبروك الشهير بـ"يوركا"، وكل الممثلين حقيقة كانوا مبدعين، ومؤكد هذا يعود لوعي وحرفية مخرج في اختيار ممثلين وتوجيههم، والمخرج نفسه يوسف المنصور كممثل في العرض بجانب الإخراج أبدع وتمتع بخفة ظل كبيرة.
مسرحية "الحفيد" نموذج للمسرح الاجتماعي الكوميدي الأسري الذي يجذب كل أفراد الأسرة المصرية، ونجاحه كان جليًا في نسبة الحضور والجماهير فلماذا الغلق؟ أتمنى الحصول على إجابة من القائمين على إدارة المسرح، ولماذا لم يستمر عرض العمل في موسم رأس السنة، هل غلق المسرح وإظلامه أفضل لإدارته في موسم يبحث فيه الناس علي مكان للخروج والاستمتاع والاحتفال؟!
أما مسرحية "شفيقة المصرية" فهي من الأعمال الاستعراضية الغنائية التي تناسب طبيعة وفلسفة قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، وحققت نجاحًا كبيرًا علي مسرح البالون، فلماذا أيضًا غلقها في عز هذا النجاح والحضور الجماهيري الذي شاهدته ليلة أمس؟ أتمنى أيضًا الإجابة على استفساري من رئيس القطاع.
مسرحية "شفيقة المصرية" كتبت عنها من قبل وهي من الأعمال المهمة لأنها ترصد تاريخًا فنيًا لحياة راقصة أحدثت تأثيرًا في الوسط الفني والسياسي وهي "شفيقة القبطية"، والتي قدمت شخصيتها على المسرح ببراعة ورشاقة الفنانة دعاء سلام وأبدعت تمثيلاً ورقصًا بإحساس ووعي على خشبة المسرح بالإضافة لما تتمتع به من كاريزما وحضور، وكان مفاجأة العرض بالنسبة لي في المشاهدة الثانية هو الفنان سامح يسري الذي أراه للمرة الأولي علي المسرح ممثلاً، فكل معرفتي به مطربًا، لكنه في هذا العمل رأيته ممثلاً جيدًا يمتلك حضورًا على المسرح وتمكن من أدواته ويعرف جيدًا كيف يضبط إيقاع العرض في التعامل مع الجمهور، وقدم شخصية راغب باشا ببراعة واحترافية في الأداء، وأعتقد أن العمل الذي يخرجه محمد صابر نضج وأصبح كل ممثل يعرف جيدًا إيقاعه في العمل وبالتالي كان العرض الثاني بالنسبة لي أفضل بكثير من العرض الذي شاهدته من قبل، وكل الممثلين أبدعوا وأظهروا كل ما لديهم من طاقات وأخص بالذكر منهم الفنانات علا رامي ومنة جلال، والفنان وائل علاء بما يمتلكه من خفة ظل، والفنان المبدع الموهوب محمد عمر وأسماء الباجوري وشيرين موسي ومحمد دياب وسعيد البارودي وأحمد راضي وريهام رمضان ومحمد شفيق بالاشتراك مع المطرب "تامر سعيد"، كلهم أبدعوا في أدوارهم ليخرج لنا عرضًا ناضجًا أبدع فيه صلاح الشرنوبي ملحنا، وجمال بخيت شاعرا، ومحمد صابر كمخرج، فلماذا غلقه؟ أكررها وأنتظر الرد من رئيس القطاع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة