أول أمس، فى الصباح الباكِر كُنت فى طريقى للإسكندرية، وهى مدينة ذات مَكانة خاصة لدى، وأنا أقود سيارتى طوال الطريق وأنا أفُكِر فيما يحدُث فى العالم من صراعات مُريبة ومُواجهات عنيفة وتحالفات، أقل ما تُوصَف به بأنها مُغرِضة، كُنت أتحدث مع نفسي، كُنت أسأل السؤال وأرُد عليه، سألت نفسي أسئلة كثيرة وأجبت عنها بإجابات أراها منطقية إلى أبعَد حد، وجميع الأسئلة كانت تتعلق بالوضع الحالى للصراع الدولى الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط .
كل سؤال كان بالنسبة لى بمثابة (لُغز) وكُنت أسأله وفى اعتقادى أنه "مُهم" لكنه كان يأخدنى لسؤال آخر أكثر أهمية.. حتى توصلت إلى حقيقة تقول (أننا أمام "لُعبة دولية" طاحنة)، ليست "لِعبَة" بقدر ما هى عملية مُدبرة تدبيراً مُحكماً لتحقيق أهداف أكبر من تطلُعات البعض.. كُنت أسأل نفسي وأقول: أليست الأمم المتحدة فاشلة فى تحقيق الأمن والسِلم الدوليين أم أنها فَعَلت كل ما فى وُسعها فى مواجهة القوى العُظمى لكن بلا جدوى؟، كُنا فى السابق نقول إن الحق والعدل والحرية والديمقراطية هى مبادئ دولية لا بد من أخذها فى الاعتبار، فلماذا لا يرى العالم ما يحدث فى قطاع غزة من مجازر وحشية وانتهاكات تُدمى القلوب؟، ماذا سيقول الرئيس الأمريكى جو بايدن للشعب الأمريكى وهو مُقبِل على انتخابات رئاسية والتى أعتقد أنها ستكون الأهم والأشرس فى تاريخ أمريكا؟، هل نحن فى مرحلة جديدة مما يسمى "الربيع العربي" ونحن بِصَدد مَوجة جديدة من مَوجات مُخطط الشرق الأوسط الجديد؟، هل ضمير الدِوَل الدائمة العضوية فى مجلس الأمن "ذَهَب مع الريح"؟، ما هى صورة الدِول العظمى التى تُساند إسرائيل أمام شعوبها بعد أن تُوقِف مجازرها فى قطاع غزة؟، ماذا سيقولون لشعوبهم عن آلاف الشهداء من الأطفال وعن آلاف السيدات اللاتى استشهِدن تحت الأنقاض؟، هل يُرضيهُم مشاهِد الهَدم والدماء فى غزة؟، هل ذهبت أمريكا بالفعل إلى مضيق باب المندب وشكلت تحالفاً دولياً لحماية الملاحة وحركة التجارة الدولية أم هى عملية توزيع أدوار فقط استعدادا للقيام بعمليات عسكرية؟.
كانت إجابتى سريعة وكانت ردودى عبارة عن حل لألغاز يتحدث عنها جميع السياسيين والإعلاميين والصحفيين والدبلوماسيين، وتوصلت بأننا أمام عملية "جَس نبض" للعالم العربي من أجل تنفيذ مرحلة خطيرة من المُخطط الأكبر وهو: تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم، وهذا يعتبر هدف استراتيجى بالنسبة لهم، يُريدون توجيه نظرنا إلى ما يحدُث فى مضيق باب المندب حتى نَغُض الطرف عن ما يحدث فى غزة، يُريدون السيطرة على غاز غزة والحصول على ثروات الشعب الفلسطينى فى المياه الإقليمية بالبحر المتوسط، هدفهُم عرقلة الملاحة الدولية فى البحر الأحمر حتى لا تأتي السفن والشاحنات للعبور فى قناة السويس، وبالتالى لا تحصل مصر على مقابل عبور السُفن وتَقِل إيرادات القناة حتى يتم تركيع "مصر" اقتصادياً، هدفهم إيقاف مسيرة "مصر" نحو تحقيق تنمية شاملة تمت بسرعة شديدة فى مُدة زمنية قصيرة بكل كفاءة، لا يرغبون فى رؤية "مصر" وهى تصنع مُستقبلا مُشرِقا لأبنائها، دَبروا وخططوا لرؤية "مصر" عاجزة مريضة محتاجة قليلة الحيلة وفاجأتهم "مصر" بأنها فى هذا العصر قوية قادرة لا تنحنى ولا تنكَسِر أبداً، ووَهَبَها الله برئيس جمهورية حظى بتأييد شعبي جارف، زاده قوة على قوته، وجعله يواجه هذه "اللعبة الدولية" بِثبات، يريدون جَر أرجُل "مصر" بأى طريقة فى مُعتَرك الصراع الدولى لكن "مصر" تقف فى منطقة لا تقف أى دولة فيها وهى منطقة عدم الإنحياز لأى طرف.
طوال الطريق إلى الإسكندرية وأنا أسأل نفسي وأرُد بهذه الإجابات حتى وَصلت لـ "كورنيش الإسكندرية"، وبدأت أصل لحقيقة واضحة ومؤكدة وهى ( "مصر" فى دائرة استهداف "اللعبة الدولية" لأنهم لا يريدون الخير لها)، لكن "مصر" تسير فى طريقها الصحيح وتقف صامدة فى مواجهة كل مَوجات ما يسمى بـ "الربيع العربي" الجديدة، وتَعمل على نشر السلام ولا شيء غير السلام وتعمل على الحفاظ على تأمين مصالحها وتُدافِع عن القضية الفلسطينية وترفض كل المحاولات لتصفيتها وتهجير الفلسطينيين .