يعد التصنيع العسكري أحد وأهم أنماط التصنيع بالدولة المصرية؛ كونها تحقق التنمية الشاملة في مجالاتها المختلفة، وتضمن توطين الصناعة العسكرية لتصبح الدولة قادرةً على حماية أمنها القومي من كافة الاتجاهات البرية والبحرية والجوية، ويمتد ذلك ليشمل أطر التعاون الدولي في هذا المجال المهم الذي يؤكد بصورةٍ جليةٍ على استقلالية الدولة في قرارها السياسي، ومن ثم وحدتها وقوتها وريادتها على الساحتين الإقليمية والعالمية.
ولأن القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية يمتلك الخبرة من مصنع الرجال تجاه التصنيع العسكري وأهميته في تطوير قدرات المؤسسة العسكرية المصرية صاحبة التاريخ والبطولات؛ حيث جاء الاهتمام في صورته الكلية ليشمل تنمية القدرات والكفاءات مع الدعم اللوجستي من أسلحةٍ ومعداتٍ عسكريةٍ متطورةٍ وذخائرٍ وغيرها من ضروريات التسليح العسكري والقتال، ناهيك عن التدريب المستمر في ساحات القتال لاكتساب المزيد من الخبرات ومطالعة أحدث وسائل القتال المتطورة وصوره المتنوعة.
وشغل التطوير الصناعي العسكري القيادة السياسية صاحبة الرؤية الاستباقية والمستقبلية؛ حيث أقيم المعرض الدولي للصناعات الدفاعية (إيديكس 2023) في دورته الثالثة، والذي نظم في الفترة بين (4 – 7 ديسمبر) بمركز مصر الدولي للمعارض والمؤتمرات الدولية بمشاركة البارزين من شركات التسليح والصناعات الدفاعات والأمنية على المستوى الإقليمي والعالمي، وهذا المعرض استهدف العديد من الغايات المتعددة.
وبالنظر إلى ما يحدث في المنطقة والعالم كله يشاهد تفاقم الصراعات وتعددها وتباين الأسباب التي تقف وراء كلٍ منها، يجد أن الاهتمام بالجيوش يأتي في المقام الأول؛ فبواسطتها تؤمن الحدود، وبها يفرض ويبسط الأمن والأمان في ربوع الأوطان ومن خلالها وبالشراكة مع المؤسسات الأمنية تستقر الأوطان، ومن ثم يمكن للتنمية المستدامة الشاملة أن تحدث وتحقق أهدافاً ومصالحاً عليا للدول.
ومن الرسائل المهمة لمعرض (إيديكس 2023) سعي الدولة الحثيث تحت رعايةٍ رئاسيةٍ مباشرةٍ لتوطين الصناعة العسكرية التي تنقل الدولة من حالة الاحتياج لحالة الاكتفاء، ومنه إلى الاستثمار في الصناعات العسكرية، وهذا ما يتواكب مع مجريات الأحداث العالمية التي تستوجب على الدول حماية مقدراتها المادية والبشرية وفق استراتيجيةٍ تستهدف رفع الكفاءة العسكرية الضامنة لبقاء الأوطان وتماسك نسيجها من التفكك والانهيار.
وفلسفة توطين الصناعة العسكرية تقوم على العديد من المسارات؛ فهناك الأهمية الاقتصادية التي تحصد الدول المنتجة ثمارها؛ حيث الأيدي العاملة والخبرات المتعمقة في المجال العسكري، والحد من استنزاف الموارد المادية في استيراد الأسلحة والمعدات والذخائر العسكرية؛ ومن ثم توجه هذه الموارد للتنمية في القطاعات الأخرى لذا يعد هذا من مصادر الدخل القومي الرئيسة.
كما أشار معرض (إيديكس 2023) إلى دلالةٍ واضحةٍ تمثلت في مواكبة التطورات العلمية في المجال العسكري التقني؛ حيث المستحدثات العسكرية فائقة التطور التقني ومنها أجهزة المراقبة والتتبع في تنوعات المجالات العسكرية، ولا شك أن هذه الإنجازات اعتمدت على المهنية العسكرية المرتبطة بالعلوم التقنية الوظيفية والمرتبطة بالتطور العسكري.
إن من يمتلك التصنيع العسكري تتوافر لديه سياسيةٌ ديناميكيةٌ غير موجهةٍ تعمل لصالح تراب الوطن وتراعي احتياجاته ومتطلباته وتسعى لتحقيق أمنه، ولا تخضع بأي صورةٍ للضغوط من الداخل أو الخارج؛ فأمنها القومي يأتي في قمة الأولويات، ولا تخضع لاسترضاء الدول المصدرة للسلاح أو اتباع سياستها التي لا تتناسب مع الأوطان الحرة، وهذا ما أكدت عليه القيادة السياسية المصرية بشكلٍ واضحٍ وعمليٍ وقاطعٍ رأيناه على أرض الواقع.
لقد تعاملت القيادة السياسية المصرية الرشيدة مع ملف توطين الصناعة العسكرية المصرية بحرفيةٍ منقطعة النظير؛ حيث تم الاهتمام بتنمية القدرات البشرية لتكتسب الخبرات اللازمة للتصنيع، ووفر الدعم اللازم لتطوير المصانع ورفع كفاءتها بصورةٍ مواتيةٍ للتطورات التقنية العالمية، ووطدت العلاقات السياسية مع الدول الكبرى والتي تم الاستفادة من خبراتها بشكلٍ فاعلٍ في هذا الأمر المهم الخاص بتكنولوجيا الصناعات الحربية المتطورة، وهو ما شكل القاعدة الصناعية العسكرية التي مكنت الدولة من مرحلة الإنتاج المقرونة بالابتكار في التصنيع العسكري.
وأوضحت مكونات ومشتملات معرض (إيديكس 2023) أن الدولة المصرية لم تكتف بالصناعات الخفيفة في المجال العسكري لكنها دخلت بكل قوةٍ في مجال الصناعات الثقيلة، وهذا يؤكد عزمها على استكمال مسيرة التقدم في مجال التصنيع العسكري، والوصول لمرحلة الاكتفاء والطموح لمرحلة التصدير، وهذا ما يتشرف به كل مصريٍ محبٍ لوطنه داعمٍ له ولمؤسساته الوطنية وقيادته السياسية المخلصة.
حفظ الله بلادنا ومكن لها سبل الخير ووفق قيادتنا السياسية نحو نهضة وطننا الغالي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة