على مدار سنوات، ظلت سياسة مصر، الخارجية، تقوم على التعاون والانفتاح ورفض التدخلات الخارجية، ودعم أى مسارات سياسية، ولم تتوقف مصر عن إعلان هذا والسعى لتحقيقه، ويؤكد عليه الرئيس السيسى فى كل مناسبة، وكل فعالية دولية أو إقليمية، وحتى عندما تعرضت مصر لحملات تشويه أو شائعات مغرضة، كان الخطاب معتدلا وداعما للتفهم والحوار، وينبه الرئيس إلى الابتعاد عن التجاوزات، ويدعو إلى عدم تجاوز قواعد الحوار، أو توجيه الإساءة إلى المختلفين.
من هنا يمكن تفهم التصريحات والرسائل المهمة التى وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء افتتاح المرحلة الثانية من مدينة الصناعات الغذائية «سايلو فودز»، والتى نبه فيها إلى خطورة واستسهال التجاوز والتنابز على مواقع التواصل أو اختلاق معارك وصنع فتن لا تفيد أيا من الأطراف العربية، بل إنها قد تضر بهذه المصالح والعلاقات بين الدول والشعوب العربية.
وأكد الرئيس السيسى، أن «سياسة مصر تتسم بالاعتدال والتوازن والانضباط الشديد تجاه الجميع فى الداخل والخارج».
سياسة مصر دائما - وحتى فى الخلافات وتنوع الآراء - تحرص على خطاب سياسى منضبط وواضح، فهى سياسة تنفتح على كل الأطراف، وتسعى لدعم المسارات السياسية والتفاوض والحرص على مصالح الشعوب، وفى القمة العربية الأخيرة، بالجزائر، فى نوفمبر الماضى، أكد الرئيس السيسى، على ضرورة احترام استقلال وسيادة وعروبة دولنا، وتحقيق المنفعة المتبادلة، وحسن الجوار، والامتناع الكامل عن التدخل فى الشؤون العربية، وتطرق إلى كل القضايا، وقدم خارطة طريق لعمل عربى مشترك يضمن الأمن القومى والمائى والاقتصادى، ويرى الرئيس أن لدى العرب من المشتركات «ما يحتم علينا توحيد رؤانا وتجاوز اختلافات وجهات النظر، وهو ما يجعل هناك إمكانية لإزالة الأسباب التى تعيق تحقيق التكامل العربى وتحول دون أن تلحق أمتنا، ذات الموارد والإمكانيات الهائلة، بركب الأمم الأكثر تقدما».
هذه هى السياسة المعلنة لمصر على مدار سنوات، وحتى فيما يتعلق بالصراعات الدولية الكبرى، فإن الرئيس حرص فى افتتاح قمة الأمم المتحدة للمناخ فى شرم الشيخ على الدعوة لوقف الحرب، ودعم أى مسارات سياسية تساهم فى إنهائها.
وفيما يتعلق بالعلاقات العربية، فإن مصر دائما تسعى إلى دعم هذه العلاقات والتعامل بشفافية وتعاون، بحثا عن المشتركات. كان مهما توجيه هذه الرسائل، فى مواجهة أطراف تسعى لإشعال واختلاق الفتن والخلافات، من خلال دخول لجان أو أطراف من مصلحتها الوقيعة بين الدول العربية، واختراع خلافات والبناء عليها، بهدف تغذية الصراعات وصناعة الفتن، من خلال حسابات ولجان تتستر خلف أسماء مصرية أو عربية، وتشعل صراعات وتلاسنات تتفاعل وتكبر فى حال تركها بلا علاج، إو إيقافها فى بدايتها.
والواقع أن بعض الصراعات التى اشتعلت داخل الدول العربية - طائفية أو عرقية - صنعتها أطراف تعمدت الكذب أو اختلاق الخلافات على مواقع التواصل الاجتماعى، بينما هى لجان لا تنتمى لأى طرف، ويكون هدفها إذكاء الصراع وجذب أطراف إليه تتورط فى حروب وهمية يدفع ثمنها الشعب بالأساس.
ويحرص الرئيس - فى كل مناسبة - على تأكيد أننا لا ننسى من وقف معنا ودعمنا، و«لا تنسوا الفضل بينكم»، ويضرب الرئيس مثلا بأن الدول التى كانت بينها وبيننا خلافات، نحرص على أن يكون خطابنا تجاهها منضبطا، وبالفعل حتى أثناء الخلاف فى قضية السد الأثيوبى لم يصدر من مصر تصريح أو تصرف فيه تجاوز للأعراف والقواعد الحاكمة للعلاقات بين الدول، ولم تتأخر مصر عن تقديم كل التضامن والمساعدة للدول التى واجهت أزمات، وآخرها التحرك لتقديم المعاونة والإغاثة للأشقاء فى سوريا والمنكوبين فى تركيا، الأمر الذى دفع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للإشادة بجهود مصر لإنقاذ ضحايا الزلزال فى سوريا، وقالت المفوضية على حسابها الرسمى بمواقع التواصل: «بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن مصر أول فريق دولى يصل إلى سوريا ليقدم الدعم والإغاثة للمتضررين من الزلزال.. شكرا لشعب وحكومة مصر على الدعم الدائم».
والواقع أن الرئيس هنا يعبر عن سياسة الدولة المصرية، وسلوك وتقاليد مصرية، تحمل التعاطف وتميل إلى التعاون، وتلتزم بالاحترام.