أميرة خواسك

مصر بين الزلزال والأزمة

الإثنين، 13 فبراير 2023 08:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الجانب المظلم المأساوي الذي خلفه زلزال يوم الإثنين الماضي في السادس من فبراير على الرغم من فظاعته،  فقد حمل جانبا طيبا يتمثل في مسارعة الدول وتعاونها مع البلدان المنكوبة للمساعدة في تخفيف وقع الكارثة، وعلى الرغم من أن جنوب تركيا كان له النصيب الأكبر في الخسائر، إلا أن الشقيقة سوريا قد وصل عدد النازحين فيها بعد الزلزال 5.3 مليون شخص بعد إضافة النازحين جراء الحرب، حسب تقديرات الأمم المتحدة .

لكن هنا يجب التوقف كثيرا أمام الموقف المصري الذي كان له قصب السبق في توجيه المساعدات الإنسانية إلى مدينة حلب التابعة للدولة السورية، وإلى مناطق المعارضة في إدلب وجنديرس وعفرين، وقد أرسلت مصر فريقين أحدهما للعمل في إنقاذ الضحايا وإزالة الأنقاض، والآخر فريق طبي في مختلف التخصصات لإجراء العمليات الجراحية ومعالجة المصابين.

  كانت مصر هي الأولى، كما هي الأولى دائما في السبق لتقديم يد العون للأشقاء، لم تلتفت إذا كانت الكارثة في أراض تتبع الدولة أو تتبع المعارضة، لكن تغليب الجانب الإنساني كان له الأولوية، بل اعتبر بمثابة فتح الطريق لبقية مساعدات الدول الأخرى للتوجه إلى سوريا ، بعد أن كان الاهتمام بالمساعدات كله منصب على جنوب تركيا، وعلى المناطق التابعة للحكومة السورية، وهو ما انتقدته المعارضة السورية حول تعامل الأمم المتحدة مع الأزمة كونه مسيسا، وأيضا مبعوث الاتحاد الأوروبي.. لقد سبقت مصر الجميع.

 هذا تماما ما جعل الأرض المصرية هي ملاذ لكثير من الأشقاء العرب وغير العرب وعلى طول تاريخها ، ولعل هذا يفسر تعدد الجنسيات والأعراق في مصر، والعائلات ذات الأصول غير المصرية حتى أصبح هذا أمرا عاديا، فهناك الكثير من العائلات تنتمي لأصول شامية وتركية ومغربية ويونانية وإيطالية وشركس وأرمن ويمنيين وعراقيين وسودانيين وصوماليين وغيرها من الجنسيات، حتى حين سقط الاتحاد السوفييتي واستقلت جمهورياته عاش هنا روس وأوكرانيون، وحين نشبت الحرب بين البوسنة والهرسك لجأ الكثير منهم إلى مصر.

 هذا البلد فيه سر غريب ، وسحر عجيب ، لم نكن في حاجة لوقوع كارثة لنبرهن على موقف الدولة المصرية أو الشعب المصري تجاه الدول الشقيقة أو حتى غير الشقيقة، لكنها القواعد الدولية والتقاليد الإنسانية التي تتبعها مصر في كل العصور .

مصر وهي في ظل أزمة اقتصادية صعبة وكبيرة لم تتخل عن واجبها الإنساني وواجبها الدولي، ودفعت بقوافل مساعدات إلى دولة شقيقة بل هي الأقرب إلى مصر ، وقد جمعتهما في يوم من الأيام وحدة الجمهورية العربية المتحدة، وكان الجيش الأول في سوريا والجيشان الثاني والثالث في مصر .   

هذه هي مصر يا سادة، مصر الكبيرة بمواقفها، بتاريخها، باتساع أفقها وعلوها فوق الصغائر، وهكذا تكون الدول الكبرى دون شرح أو تفسير ، فقط هي الشدائد التي تفرز، تفرز الدول وتفرز الأشخاص.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة