عزيزى عمر طاهر.. ربما تكون لاعبًا كرويا فاشلا حسبما وصفت نفسك في إحدى حلقات تحفتك الثقافية الرائعة «صنايعة مصر»، لكن المؤكد أنك مؤرخ شعبي بامتياز، صنايعي ثقافة من الطراز الأول، وإذا كان الهدف الأساسي من البرنامج، هو تقديم ما تيسر من سير من ساهموا في رسم ملامح هذا الوطن ومنحهم التقدير الذي يستحقونه، فقد فعلت ما هو أكثر من ذلك بكثير.
من سوء حظي – كما يقول محمود درويش – أنني لم أشاهد الحلقات منذ بداية عرضها، لكن من حسن حظي أن منصة watch it أتاحتها، وفي هذه الإتاحة ما يحتاج منا كمشتغلين بالثقافة ومعنيين بالوعي الوطني إلى وقفة مهمة.
على مدار السنوات القليلة الماضية، أصبح من المعتاد بل ومن الطبيعي بين مرتادي منصات المشاهدة، مشاهدة مسلسل توفرت فيه كافة عوامل النجاح من سيناريو وإخراج وإنتاج في يوم أو يومين، أو تظل حلقاته الأسبوعية محط اهتمام وترقب بين جمهوره لحين انتهائه، وإذا كان المسلسل عربيا ذو طابع تاريخي، نتمنى نحن جمهور القراءة والأدب المزيد والمزيد من هذه المسلسلات.
وإذا كان هذا هو حالنا مع المسلسلات أو الأفلام، فما بالنا إذا كنا أمام برنامج ثقافي مختلف تماما عما تعودنا عليه، برنامج يعتمد في المقام الأول على كتاب واحد صدر منه جزئيين، عن دار الكرمة للنشر، والأهم في هذا الكتاب، هو تفرده بموضوعه وبشخوصه وبكيفية تقديمه للأسرة المصرية، وليس للمواطن القارئ.
في برنامج «صناعية مصر» وجدت نفسي أمام تحفة وثائقية بأسلوب درامي شيق، فكلما انتهت حلقة قلت «هل من مزيد؟»، برنامج تضافرت فيه خيوط السيناريو بأسلوبه الشيق المبسط مع حجم الإنتاج الضخم، من قبل الشركة المتحدة، والإخراج المبهر، والموسيقى التصويرية العذبة، والديكور الذي يشعرك بألفة شديدة، برنامج تضافرت فيه كافة هذه العناصر، فلمس أوتار الحنين والذكريات لدى أبناء جيل الثمانينيات والتسعينيات، بل وعاد بهم إلى الوراء، إلى زمن آبائهم وإلى سنوات صنعت تاريخ هذا الوطن، وسلط الضوء على شخصيات صنعت يومياتنا دون أن نعرفهم، أو نسعى إلى معرفتهم، فعرفنا على سبيل المثال أنه في الوقت الذي شهد فيه هذا الوطن أزمات ونكبات كان هناك من يسعى ويعمل ولم يتوقف عن أداء ما يؤمن به.
عزيزي عمر طاهر لقد فعلت ما لم تفعله كتب التاريخ، لملمت تاريخنا ويومياتنا وذكرياتنا ورسمت جدارية ستظل حية لا تنسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة