أصيب الفنان زكى رستم بهبوط فى القلب، قضى بسببه 20 يوما بمستشفى «دار الشفاء» حتى كانت وفاته فى 16 فبراير، مثل هذا اليوم، 1972، وفقا لما تذكره الأهرام يوم 17 فبراير 1972.
كان زكى رستم يعيش فى عزلته، فعلى صعيد الحياة عاش بعيدا عن الناس يرتبط بصداقات معدودة، ووحيدا فى بيته بلا زواج، وعلى صعيد الفن كان آخر ظهور له فى فيلم «أجازة صيف» إخراج سعد عرفة عام 1966، الذى كان ختاما لرحلة «عملاق يقدم نموذجا مضيئا لسينما الممثل، ذلك أنه صاحب أسلوب يفرض نفسه، وله من الحضور الطاغى ما يصنع حالة فريدة تنسب إليه»، وفقا لتقدير الكاتب والناقد مصطفى بيومى فى كتابه «فى حب زكى رستم»، ويراه الفنان نور الشريف فى محاضراته بورشة إعداد الممثل بالكويت أبريل 2006: «زكى رستم لم يتم تقييمه، جمع بين حاجتين، مدرسة التقمص مع ستايل خاص به، هاتوا فيلم «الحرام» شوفوا عمل إيه، كان عنده من العبقرية ما يكفى لأن يقنعك أنه متعهد أنفار، شوفوا رئيس الوزراء فى «نهر الحب».. شوفوه فى «رصيف نمرة خمسة»، كان سابق عصره ونظريات التمثيل فى أمريكا، ده رجل التمثيل عنده فطرى ولم يدرس فى مدرسة ولا أكاديميات، كان عنده فطرة، عنده موهبة، مثقف تمثيليا لوحده بالفطرة».
هو «زكى محرم محمود رستم» مولود فى 5 مارس 1903 بأشهر قصور الحلمية الجديدة، قصر جده محمود باشا رستم، والأم أمينة هانم عبدالرازق، والأب من كبار المزارعين، وحياته موزعة بين صداقته بالزعيم الوطنى مصطفى كامل والمطرب الشهير عبده الحامولى، حسبما يذكر سيد المليجى فى ملف «فى ذكرى ميلاد باشا مصر» بجريدة «الوطن، 8 مارس 2022»، مضيفا، أنه عاش حياته معجونا بالسياسة والفن مثل أشقائه المهندس عبدالحميد والسفير وجيه، والتحق بالمدرسة ومارس رياضة رفع الأثقال، وحصل على المركز الثانى فى بطولة المدارس، وانضم فى مرحلة البكالوريا إلى فريق التمثيل، وارتبط خلال هذه الفترة بزميله عبدالوارث عسر الذى ساعده على الانضمام لفرقة الهواة فى العشرينيات، لكن جورج أبيض أقنعه بالانضمام لفرقته عام 1925 ومنحه دور البطولة المسرحية، وسمحت والدته له فى البداية بممارسة الفن كهواية لكنها تراجعت وخيرته بين تركه أو البقاء معهم، فحزم حقائبه واختار أن يقيم فى شقة بعمارة يعقوبيان بوسط القاهرة، ويشير «المليجى» إلى تنوع أدواره، باشا، ابن بلد، رجل قانون، زعيم عصابة، ويؤكد: «لم ينافسه أحد فى عظمة أدواره لدرجة أن مجلة «بارى ماتش» الفرنسية صنفته فى استفتاء 1945 ضمن أفضل 10 ممثلين فى السينما على مستوى العالم».
فى رحلته الفنية الطويلة قدم ما يقارب من الستين فيلما، وفقا لتقدير مصطفى بيومى، مشيرا إلى أنه بدأ رحلته مع السينما الصامتة فى فيلم زينب عام 1930، والضحايا عام 1932، وتتضمن المشاركات فى بدايات السينما الناطقة، حيث «كفرى عن خطيئتك» عام 1933، و«الوردة البيضا» عام 1933، و«الاتهام» 1934، و«ليلى بنت الصحراء» عام 1937».
تواصلت أعماله الفنية ويرى البعض أنه كان فيها «رائد الاندماج» فى أدائه التمثيلى، غير أن مصطفى بيومى يتحفظ على ذلك، قائلا: «لا أظن زكى رستم فى حاجة إلى المبالغة المانحة فى توصيف عبقرية أدائه، ولا أجد صفة تليق به وتوفيه حقه إلا «الممثل»، التمثيل عنده هو الحياة البديلة المشبعة، وأن تنوع وتعدد الأدوار تعبير عن شهوة عامرة، كأنها الفيضان، التمثيل عنده ليس عملا احترافيا أو هواية محببة، لكنه الحياة».
كان مقاطعا للصحافة، غير أن الكاتبة الصحفية هبة الله يوسف فى حلقاتها «راهب الفن زكى رستم» بجريدة «الجريدة الكويتية 29 أبريل 2020»، تذكر أنه كسر هذه المقاطعة بحوار لمجلة الكواكب فى سبتمبر 1953 ليرد على شائعة اعتزاله، وقال ثائرا لمحاوره : «هل ترانى أسير بعكازين، ظهرى مقوس، مركب طقم أسنان، حاجة غريبة قوى، هل تعلمون كم عمرى؟..أنا أصغر من كل ممثلى الجيل القديم، ومن يتحدانى يبرز شهادة ميلاده الرسمية، أنا مازلت زكى رستم بتاع زمان، لو ضربت واحد قلم بإيدى مش بالعصايا لازم يموت، مش يتعور بس، واسألوا عنى فريد شوقى وهو ممثل شاب ملىء بالحيوية، أنا لما أمثل أمامه وأدوس على إيده يقول لى حاسب يازكى أنا مش حملك.. وتساءل: هى فين السينما أصلا.. فين هم المخرجين..أنا كفاية على إن مجلة «لايف» قالت: زكى رستم أحسن ممثل فى الشرق».
وتذكر «يوسف» أنه فى عام 1962 منحه الرئيس جمال عبدالناصر وسام العلوم والفنون، فعلق قائلا: «كان أعظم يوم فى حياتى يوم أن دق جرس الهاتف فى منزلى وأخبرونى أننى حصلت على هذا التكريم، ويوم أن نودى باسمى من الرئيس عبدالناصر والجميع يصفقون لى كان يوما لن أنساه، وأنا أسلم على الرئيس الذى كرمنى على مشوارى الفنى».