يعيش الإنسان عمره كله يبحث عن الحب والونس، وقد يجده في قلوب أحدهم سواء كان صديقا أو شريك حياة أو أحد أفراد أسرته، الذى يتقاسم معه لحظاته السعيدة والحزينة ويدفعه للتقدم للأمام في حياته، ولكن مع مرور الوقت قد ينتهى هذا الونس بالفراق سواء بالموت أو بالسفر لدواعى العمل أو لأسباب أخرى.
ويعود الإنسان مرة أخرى وحيد يبحث عن رفيق آخر، لكنه في النهاية لا يرضى ببديل بشرى لوليفه السابق ولكن الحياة تلقى بطريقه عوض آخر يشعره بالونس والحب والوفاء الذى أفتقده ولكن هذه المرة على هيئة كلب.
أتذكر فى إحدى المرات كنت أسير بأحد شوارع محافظة الجيزة، لاحظت مجموعة من الكلاب الضالة تركض خلف امرأة شابة كانت تطعمهم بيدها وتوزع عليهم الطعام بالتساوى وتناديهم بأسماء كانت أطلقتها عليهم ليطيعونها ويركضون إليها تلبية لندائها كما لو كانوا يفهمون لغتها، لكنهم في الحقيقة تجمعهم لغة واحدة وهى الحب الصادق النابع من القلب، الأمر الذى أدهشنى وأثار فضولى وسألتها عن علاقتها بهذه المجموعة الكبيرة من الكلاب وأطلاقها عليهم هذه الأسماء.
ولا أنسى تحدث المرأة معى عن أصدقائها من الكلاب والتي تعتبرونهم بمثابة أطفالها التي حرمت منهم، حيث أشارت إلي خلال حديثها بأنها حرمت من الإنجاب رغم محاولاتها الكثيرة وتجاربها مع العلاجات الطبية هي وزوجها وفى النهاية استسلمت لقدرها.
وأكملت المرأة حديثها وقالت وجدت في الكلاب الضالة الحب الذى كانت تشتاق إليه وحرمت منه، فقررت أن تعطى هذه الكلاب المسكينة التي لا مأوى لها الحب الذى كانت تدخره لفلذات كبدها، وباتت تجهز الطعام لهم بنفسها لتوزعه عليهم يومياً واعتاد الكلاب عليها واعتادت عليهم وأصبحت علاقتهم قوية حتى إنهم ينتظرونها في نفس المكان الذين يتقابلون فيه حتى أطلقت عليهم أسماء تناديهم بها وكأنها تنادى أحد أطفالها ليتناول طعامه الذى أحضرته له بكل حب.
ولم أنس نظرات الحب والسعادة المتبادلة بينها وبين الكلاب، ولا إحساسها وهى تتحدث عن علاقتها بهم، وكأنها تريد أن تقول للعالم أجمع أن الحب والونس ليس فقط حكراً على البنى أدمين ولكنه موجود وبكمية لا حصر لها في قلوب الحيوانات الأليفة مثل الكلاب المعروفة بإخلاصها لأصدقائها من البشر وحبها لهم.