مؤكد أن مهنة الطب من أنبل المهن وأشرفها، وما يزيدها سموا هو رقى الطبيب، ومدى تواضعه وإحساسه بآلام وأوجاع مرضاه، وأن يكون إيمانه وعمله بأن ما هو فيه يرجع إلى توفيق الله، وأنه مجرد سبب تجرى على يديه أقدار الله جل وعلا بتوفيقه ومشيئته وإرادته وحكمه وعدله، وأنا هنا أتحدث عن الطالب الذى تفوّق واستطاع بجهده وعرقه أن يكون طبيبا.
نعم الطالب الذى سهر الليالى، وعانى سنوات وراء سنوات ومعه أهله يعانون أيضا بالسهر والتوفير من طعامهم وملبسهم ليصبح طبيبا، وما أريده هو إرسال رسالة لهذا الطالب الذى أصبح طبيبا ويبدأ مسيرته المهنية، قائلا له "أقدر مدى تعبك وأعرف معاناة سنوات عمرك وصعوبة مقرراتك، وما لقيته من قسوة في امتحاناتك ودراستك، لكنك أمام مسارين أو خيارين، الأول، "الرفاهية السريعة"، والسعى إلى تحقيقها بأى وسيلة، هنا - يا عزيزى - احذر لأنك وأنت في هذا الطريق رويدا رويدا من الممكن التخلى عن قيم مهنتك السامية، أو نسيان القسم من أجل التربح، ويكون لسان حالك "كل كدة" وتعتبرها شطارة، فتتحول لطبيب تاجر تحكمه لُعبة التربح والمكسب والخسارة، وهمّه الصفقات والمقاولات بدلا من إنقاد الأجساد والحفاظ على الأرواح، ووقتها ستكون سكة "الندامة" لأنها رفاهية وراحة مغموسة بآلام المرضى والغلابة.
أما الخيار الثانى - يا عزيزى - هو السموّ والرحمة، وأن يكون لسان حالك في عيادتك مثلما نطق لسانك أثناء القسم قائلا، "اقسم بالله أن أصـون حيـاة الإنسان فى كافة أدوارها فى كل الظروف والأحوال" وهذه سكة السلامة، حيث دعوات المرضى الغلابة، ورضا خالقك وخالقهم، وراحة بالك، والأهم سيرة عطرة تستظل بظلها في حياتك، وتجنى رحماتها بعد مماتك.
ولك في ذلك نماذج مشرفة، الدكتور محمد مشالى الذى ظل كشفه جنيهات معدودة، فالتف حوله الغلابة وتم حمله على الأعناق لتشييعه لمثواه الأخير، وضج الإعلام بحكاياته وكرمه وشهامته وإنسانيته، وعرفت الخليقة صفاته وانهالت عليه الرحمات ولا تزال، وهناك من استحق المجد والخلود لمجهوداته وتفانيه في خدمة الفقراء، ولك فى الدكتور محمد غنيم والدكتور مجدى يعقوب قدوة ونموذجا..
لذا، عليك أن تختار، ولا تنسى أن تكون حكيما قبل أن تكون طبيبا..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة