مر عام على الحرب الروسية - الأوكرانية ، والتى فجرت أزمة طاقة هائلة لأوروبا، بعد أن عاقبت الدب الروسي بحظر امداداته من الطاقة وجالت العالم تبحث عن بديلا لا يوفر احتياجاتها ويكون خيارا مستداما فحسب بل منخفض التكلفة أيضاَ فى وقت تشهد معظم البلدان الأوروبية أزمة اقتصادية طاحنة.
فمثلما امتدت تداعيات الحرب الأوكرانية لتغير خارطة التحالفات الدولية، غيرت أيضا خريطة امدادات الطاقة، ووجهت أوروبا بوصلتها نحو القارة الأفريقية التى كانت تمدها بجزء من احتياجاتها، فعلى سبي المثال كانت ولا تزال الجزائر أول مصدّر للغاز الطبيعي في أفريقيا والسابع في العالم، وكانت تزود أوروبا بنحو 11% من احتياجاتها مقابل 47%من روسيا.
الغاز الأمريكى بديل مكلف عن الغاز الروسي
واليوم وبعد عام من الحرب، وتعهد الاتحاد الأوروبي بتنوع الواردات من الطاقة لتجنب روسيا، وذلك بحلول عام 2027، وجدت أوروبا نفسها بين غاز أمريكي ذو أسعار مرتفعة للغاية وغاز أفريقى منخفض التكلفة، فعلى سبيل المثال، فإن حمولة سفينة واحدة من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بحوالي 60 مليون دولار، وصل سعرها بعد شحنها إلى أوروبا إلى حوالي 275 مليون دولار، بزيادة قدرها 358%.
ووفقا لرئيس شركة الطاقة الإيطالية "إيني"، كلاوديو ديسكالزي، يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يركز على الولايات المتحدة، بل على أفريقيا. وقال في مقابلة له مع صحيفة فاينانشيال تايمز، رأى ديسكالزي أن التعاون الوثيق مع القارة سيخلق "محور الطاقة بين الجنوب والشمال"، الذي سيربط القارة الغنية بالموارد مع الأسواق كثيفة الاستهلاك للطاقة في أوروبا.
ووفقا للصحيفة البريطانية تعمل إيني منذ عام 1954 في 14 دولة أفريقية. وكانت أفريقيا هي الخيار الأول لعملاق الطاقة الإيطالي، عندما احتاج إلى استبدال 20 مليار متر مكعب في عام 2022 من الغاز الذي تستورده إيطاليا سنوياً من روسيا.
في أبريل الماضي، وافقت «إيني» على زيادة الإمدادات من الجزائر من 9 مليارات إلى 15 مليار متر مكعب سنوياً في عام 2023 وإلى 18 ملياراً في عام 2024، وبعدها وقعت «إيني» اتفاقية مع مصر لتصدير 3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في عام 2022.
واتفقت الشركة مع الكونغو على تسريع تطوير مشروع للغاز الطبيعي المسال الذي من المتوقع أن يصدر 1 مليار متر مكعب في عام 2023، و4 مليارات متر مكعب بحلول عام 2025، وفي نوفمبر الماضي، شحنت «إيني» الدفعة الأولى من الغاز الطبيعي المسال من موزمبيق، في مشروع تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار، الذي يعد أول مشروع من بين عدة مشاريع غاز عملاقة في موزمبيق تم التخطيط لها بعد اكتشاف احتياطيات غاز كبيرة في البلاد.
ومع محاولات أوروبا للتخلص عن الغاز الروسي، تتسابق دولها لإبرام صفقات لاستيراد الغاز من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، ففى مايو 2022، كشفت وسائل اعلام نيجيرية عن شراكة تم إبرامها بين الشركة الوطنية النيجيرية للبترول والمكتب الوطنى للهيدروكاربورات والمناجم بالمغرب، تم توقيعها بالأحرف الأولى فى يونيو 2018، جاء ذلك على لسان تولو أوغونليزي، مستشار الرئيس النيجيرى محمادو بوخارى الذى أكد أن “بلاده والمغرب اتحدا لبناء أطول أنبوب غاز أوف شور فى العالم لنقل الغاز بين البلدين، باتجاه أوروبا عبر 11 بلدا بغرب أفريقيا”.
والعام الماضى أجرى مسئولون أوروبيين جولات فى أفريقيا، فقد بحثت ألمانيا المشترى الأكبر للغاز الروسي- عقد صفقات لشراء الغاز من أفريقيا، كما بادرت إيطاليا التى تعد ثانى أكبر مشتر للغاز الروسى فى أوروبا بإيجاد إمدادات بديلة، وأصبحت الجزائر أحد مصدرى الغاز إلى روما.
ويأتى مشروع خطوط أنابيب الغاز عبر الصحراء (TSGP) بحسب الحكومة الفيدرالية النيجيرية، سيوفر فرصة كبيرة لنيجيريا والنيجر والجزائر للاستفاد من الأسواق الأوروبية وتبلغ تكلفته 13 مليار دولار.
القارة السمراء تضم كنوز من الغاز
وبلغت احتياطيات الغاز الطبيعي في أفريقيا 625 تريليون قدم مكعبة خلال عام 2021، وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن يبلغ إنتاج الغاز في أفريقيا ذروته عند 470 مليار متر مكعب بحلول أواخر عام 2030؛ أي ما يعادل 75% من الكمية المتوقعة لإمدادات روسيا هذا العام.
وتعتزم السنغال تصدير الغاز المسال إلى أوروبا بحلول عام 2024،وجاءت نيجيريا في المرتبة الأولى في أفريقيا عام 2019 في حجم صادرات النفط الخام من القارة السمراء بمعدل بلغ أكثر من مليوني برميل يوميا من النفط في السوق العالمية.
وتُعدّ منطقة غرب أفريقيا، أكبر مساهم في مستقبل القارة من النفط والغاز، إذ استحوذت على نحو 60% من الاحتياطيات المكتشفة مؤخرًا من حيث الحجم.
وأُعلِن مؤخرًا أكبر 3 احتياطيات في منطقة غرب أفريقيا، وهي: حقل – ياكار-تيرانغا في السنغال، وحقل أوركا في موريتانيا، وحقل بالين في ساحل العاج، التي تحتوي نحو 3.6 مليار برميل من النفط المكافئ فيما بينها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة