سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 فبراير 1965.. محمد فوزى فى «رحلة الآلام» إلى لندن.. والبندارى يصفه: «الضاحك الباكى الذى قال آه وهو يغنى وقالها وهو طريح الفراش»

الإثنين، 27 فبراير 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 فبراير 1965.. محمد فوزى فى «رحلة الآلام» إلى لندن.. والبندارى يصفه: «الضاحك الباكى الذى قال آه وهو يغنى وقالها وهو طريح الفراش» محمد فوزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سافر الفنان محمد فوزى إلى لندن للعلاج بعد عام من الآلام الشديدة، فكتب الكاتب والناقد الفنى جليل البندارى مقاله الأسبوعى فى «أخبار اليوم» 27 فبراير، مثل هذا اليوم، 1965، على نصف صحفة بعنوان «مع الضاحك الباكى.. فوزى فى رحلة الآلام».
 
كان المقال يقطر حزنا بدأه البندارى قائلا: «طار محمد فوزى إلى لندن للعلاج، وطار قلبى معه.. عاش عاما كاملا على الآلام الشديدة، ولم يستطع الأطباء والإخصائيون فى جميع الأمراض، إلا تهدئة مواطن الألم بالأدوية والحقن المسكنة، أما الداء نفسه فعجزوا جميعا عن أن يضعوا أصابعهم عليه.. كان الألم يتنقل فى جسده من مكان إلى مكان، ثم لا يلبث أن يختفى يوما أو يومين، ثم يفاجئه مرة أخرى بقسوة فيحرمه من النوم والطعام أسبوعا أو أكثر من أسبوع».
 
يذكر «البندارى» أن علاقته مع «فوزى» بدأت منذ عشرين عاما، ويكشف: «رأيته وهو يتسلق الهرم، هرم الشهرة والمجد والفلوس، ورأيته وهو يتعثر ثم وهو يقاوم بقوة إرادة أثارت إعجابى وتقديرى، ورأيته وهو يصعد ويقترب من القمة، ثم وهو يهوى إلى السفح، ثم وهو ينهض مرة أخرى وينفض عن نفسه الغبار والتراب ويستعد للمحاولة من جديد أقوى من الحديد والصلب، ولم يتقاعد لحظة واحدة فى حياته من الكفاح والعرق، وكان رصيده فى البنوك يشبه الترمومتر فى الصعود والهبوط».
 
يضيف البندارى: «محمد فوزى كموسيقار من القلائل الموهوبين، رأيته يلحن أغنية واحدة فى ستة شهور، ويلحن أغنية أخرى وهو فى طريقه إلى تسجيلها، محمد فوزى فلاح من طنطا ومن أسرة «كبيرة» هناك تعدادها 180 نفرا، وكان يثور كلما حاول أحد أشقائه أو إحدى شقيقاته الاشتغال بالغناء والفن.. وكان يقول لى إنه يشفق عليهم وعليهن من التجارب المريرة التى مرت به.. بدأ حياته الفنية كما بدأها كثيرون من الفنانين.. من الصفر.. أوتحت الصفر كفريد الأطرش ومحمد عبدالمطلب ومحمود الشريف وكل الطابور الطويل الذى يتقدم الصفوف الآن، فقد تربوا جميعا فى كازينو بديعة ومدرسة بديعة، قال لى ذات يوم إنه عاش شهرا على البسبوسة، كان لا يفطر ولا يتغدى ولا يتعشى سوى البسبوسة، لأن البائع الوحيد الذى كان يسمح له بالوجبة الشكك هو بائع البسبوسة».
 
يكشف «البندارى»: «فى سنة 1947 ناداه أحمد سالم وطلب إليه أن يلحن أغنيتين لليلى مراد فى فيلم «الماضى المجهول»إحداهما «أنا قلبى خالى» لمأمون الشناوى، والثانية «منايا فى قربك»، فتناول منه كلمات الأغنيتين ووضعهما فى جيبه ونهض لينصرف، فسأله أحمد سالم: رايح فين.. أنا عاوز أسجلهم بكره، وأصر على أن يقوم محمد فوزى بتلحين الأغنيتين فورا، فقال له محمد فوزى: بس أنا ماليش مزاج للتلحين دلوقتى.. فقال له أحمد سالم: أنا ح أجيب لك المزاج..ثم نهض إلى «البيك آب» وأدار أسطوانات تحمل الموسيقى الهادئة، ورأيت بعد ذلك محمد فوزى يغلق البيك آب بيده، ثم يتناول عودا وفى خمس دقائق لحن أغنية «أنا قلبى خالى» ، وبعد خمس دقائق أخرى انتهى من تلحين «منايا فى قربك».
 
يؤكد البندارى: «من ذلك اليوم تخصص فى تلحين أغنيات ليلى مراد، فاشترك فى تلحين كل أغانيها فى الأفلام، ومثل أمامها أكثر من فيلم، ومنذ توقف عن تمثيل الأفلام الاستعراضية، حرم الجمهور من مشاهدة هذه الأفلام الجميلة المسلية.. إن محمد فوزى قدم من الألحان والأغانى والأوبريتات ما يملأ مكتبة موسيقية كاملة لو سجلت على أسطوانات، وظهرت منذ سنوات مطربة اسمها نازك، لم يعرف بها من كبار الموسيقيين والملحنين سوى محمد فوزى، فتحداهم جميعا عندما لحن أغنية واحدة حفظها طلبة الجامعة، وكانوا يرددونها فى المدرجات والبوفيهات كالنشيد الجماعى وهى أغنية «كل دقة فى قلبى بتسلم عليك»، وعاشت نازك وهى مطربة محترفة أكثر من عشر سنوات على هذه الأغنية الوحيدة اليتيمة».
 
يضيف البندارى: «محمد فوزى من الملحنين الذين يهتمون بالكلمات، وهو كموسيقار صاحب مدرسة فى التلحين، وله رواد ومعجبون كثيرون.. وعندما أنشئ التليفزيون سألنى عن دوره فى هذا الجهاز الجديد الذى يدخل كل بيت ويلم الرجال والنساء والأطفال من حوله، فقلت له: شاهد البرامج، ثم ابحث عن الشىء غير الموجود، وحاول أن تسد بأفكارك وأنغامك الفراغ، فبدأ يلحن للأطفال، ولحن «ذهب الليل» لأطفال بابا شارو، و«ماما زمانها جاية» أنجح أغنية تليفزيونية قدمها التليفزيون العربى إلى اليوم، وعشرات الأغانى التى يحفظها الأطفال كجدول الضرب، ومن العجيب أن الفنان الذى صنع كل هذا هو نفسه الذى لحن النشيد الجمهورى الجزائرى».
 
يختتم «البندارى» قائلا: كنت أتردد على محمد فوزى كثيرا وأستمع إليه وهو يغنى ويقول «آه»، ولكنى لم أتعود أبدا أن أستمع إليه وهو يقول «آه» وهو طريح الفراش، والفرق بين الأولى والثانية، أنه كان يقول الأولى وأنا أضحك، أما الثانية فيقولها وأنا أبكى.  









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة