حالة من التكامل والانسجام، اتسمت بها العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية، لعقود طويلة من الزمن، ربما تجلت في مواقف تتراوح بين الماضي القريب، وأخرى تعود إلى عقود، على غرار الموقف السعودي الداعم للقاهرة، من أجل استعادة أراضيها في أكتوبر 1973، أو دعمها لنداء المصريين في 30 يونيو، لاستعادة دولتهم، ناهيك عن مواقف القاهرة الكبيرة التي اتسمت بقوتها في دعم منطقة الخليج، وفي القلب منها الرياض، وهو ما يبدو في حرب الخليج الثانية، التي لعبت فيها القوات المسلحة المصرية الدور الأكبر لدعم أمن تلك المنطقة الحساسة والحيوية، والتي تنظر إليها مصر باعتبارها جزء لا يتجزأ من أمنها القومي.
ولعل تلك الحالة من التكامل تبدو واضحة في المرحلة الراهنة، مع انسجام المواقف تجاه الأزمات الدولية الراهنة، سواء فيما يتعلق بالنزاعات التي يشهدها العالم، على غرار الأزمة الأوكرانية، أو فيما يتعلق بالصراع مع الطبيعة، لنجد أن كلا البلدين آثرا معا اتخاذ مواقف محايد تجاه الأولى، بينما قررا العمل سويا نحو مهادنة الطبيعة الثائرة، ناهيك عن الدعم المتبادل في مواجهة أية مستجدات قد تطرأ على المشهد في أي منهما، في إطار تعاوني، يمثل نموذجا يمكن استلهامه في العلاقات الدولية، بصورتها العامة، وكذلك تعميمها عربيا، لتحقيق أكبر قدر من التوافق.
فمن جانبه، اعتبر مساعد وزير الخارجية السابق، السفير جمال بيومي أن العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية تمثل "رمانة الميزان" لتحقيق الاستقرار العربي والإقليمي، في المرحلة الراهنة، فى ظل تواتر الأزمات، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، والتي ضربت قطاعات حساسة فى العالم.
وأضاف بيومي، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن هناك حالة من تكامل الأدوار بين مصر والسعودية، يمكنها المساهمة فى تحقيق الاستقرار، في المنطقة العربية، خاصة فى ظل حالة من التراجع للعديد من القوى الأخرى، على غرار سوريا والعراق واليمن بفعل الظروف التي مرت بهم خلال الأعوام الماضية، وهو الأمر الذي يفرض قدرا كبيرا من الأهمية على الدور الذى تلعبه الدولتان فى المرحلة الحالية.
وأكد مساعد وزير الخارجية السابق على قوة العلاقات وتاريخيتها، فهي تعود إلى سنوات طويلة، حيث بدا التحالف بينهما فى أبهى صوره فى العديد من المواقف التاريخية، ربما أبرزها خلال دعم المملكة لمصر فى عام 1973، بينما تكرر الأمر فى العقد الماضي، مع تصاعد الفوضى فى المنطقة بأسرها، في حين حرصت مصر على دعم المملكة ودول الخليج فى العديد من المواقف على مر السنوات، فى انعكاس صريح لحالة الإدراك المتبادل بأهمية كلا الدولتين.
وشدد بيومي على تماسك العلاقة، وهو ما يبدو فى اللقاءات المتواترة التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والتي تعكس الحرص المتبادل على التشاور المستمر والدائم لتحقيق مصالح البلدين، بالإضافة إلى تحقيق مصالح دول المنطقة بأسرها.
بينما أكد مساعد وزير الخارجية السابق، السفير حسين هريدى إن العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية تمثل أساسا لاستقرار المنطقة العربية، بل والشرق الأوسط بأسره، موضحا أن أنها مرت بالعديد من المراحل، منذ عام أواخر الستينات من القرن الماضي، فى ظل الدعم الكبير من المملكة لمصر لاسترداد أراضيها فى عام 1973، وهو ما بدا فى قرار حظر لدفع الدول الغربية نحو إجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضى المصرية.
وأشار هريدى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إلى الدعم الكبير الذى قدمته السعودية للقاهرة إبان ثورة 30 يونيو، مشيرا إلى مواقف المملكة للضغط على الدول الغربية، وتوضيح الحقائق التي شهدتها مصر خلال تلك الفترة.
بينما تبقى مصر أحد أكبر داعمي المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، بحسب هريدى، وهو ما بدا فى الدور الكبير الذى قامت به إبان حرب الخليج الثانية، وحرصها الشدي على الدفاع عنها، ضد أى تهديدات، مشددا على أن مثل هذا الدور ليس مجرد "منحة"، وإنما يعكس إدراكا عميقا من قبل الدولة المصرية بارتباط الأمن القومي العربي ببعضه، وبالتالي فالتهديدات التي تواجه أى دولة عربية، تمثل تهديدا صريحا لها.
ووصف مساعد وزير الخارجية السابق، قوة العلاقات بين مصر والسعودية بـ"رافعة" العمل العربي المشترك، موضحا أنهما يعملان كـ"يد واحدة"، ويسعيان دائما للوصول إلى أرضية مشتركة تجاه كافة القضايا الدولية، لتحقيق أكبر قدر من التوافق تجاهها، فى ظل الأزمات المتواترة التي تعصف بالعالم فى المرحلة الراهنة، حيث يبقى التنسيق المستمر بينهما ضمانة للتماسك الإقليمي، وداعما لدول المنطقة حتى تتمكن من مجابهة ما يعتريها من أزمات.
وفى السياق، اعتبر مساعد وزير الخارجية السابق، السفير إبراهيم الشويمي أن العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية "أبدية"، موضحا أن قوة العلاقة تبقى دليلا دامغا على الإدراك المتبادل بأهمية كل منهما للأخر، فى ظل أزمات متواترة تعصف بالعالم فى المرحلة الراهنة.
وأشار الشويمي، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إلى أهمية العلاقة بين البلدين لتحقيق الاستقرار الإقليمي فى المرحلة الراهنة، فى ظل حالة من عدم الاستقرار تتراوح بين سوريا والعراق واليمن، وغيرها من الدول العربية، سواء بسبب التهديدات التي تمثلها الجماعات الإرهابية أو لأسباب أخرى، كالجفاف فى الصومال، وبالتالي يبقى الاحتفاظ بقوة الدولتين، من شأنه تحقيق حالة من التوازن سواء فى المنطقة العربية أو منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح الشيمي، أن ثمة حالة من التوافق بين مصر والسعودية، حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وهو ما ساهم فى استعادة قدر كبير من الاستقرار فى العديد من دول المنطقة بعد سنوات الفوضى فى العقد الماضي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة