الإسلام دعا إلى الوسطية، كما أن كافة الشرائع والأديان حثت على حسن المعاملة وعدم التشدد، ولكن رغم أننا نعيش في عام 2023، وما يشهده العالم أجمع من تطور في شتى المجالات، إلا أن هناك بعض العائلات والقبائل في وجه قبلى لا زالت محتفظة ببعض العادات التي عفا عليه الزمن، من تشدد غير مقبول وخاصة في عادات الزواج، فما زالوا يطبقون العصبية في العائلات، فبعض القبائل ما زالت تطبق قاعدة رئيسية ألا وهى ممنوع زواج البنات إلا لابن العائلة أو القبيلة فقط، مهما كان المتقدم للزواج، بل الأمر لا يقتصر فقط على من هو خارج العائلة، بل يمتد أيضا للعائلة نفسها، حيث تكون العائلة مقسمة لما يطلق عليه "ربع" أو بيت، أو حسب ما تطلق عليه كل قبيلة أو عائلة في المحافظة، فالعادات تتشابه داخل العائلة الواحدة حتى ولو اختلفت المحافظة التي تقطن بها تلك العائلة، "فهذا من ربع فلان، وهذا من ربع فلان، ولا يتساوى هذا بذاك".
كل ما ذكر كنا قد نشاهده في أفلام ومسلسلات قديمة، ولكن لم تزل هناك بعض العائلات تتشدد فيما هو أصعب وخاصة في عادات الزواج، فهناك شاب مهندس اسمه ياسر، ابن إحدى هذه العائلات التي نتحدث عنها، في مركز مرموق داخل إحدى شركات القطاع الخاص، راتبه جيد للغاية، ابن لوالد يعمل بوظيفه محترمة ويمتلك أراض كبيرة، تقدم هذا الشاب لطلب الزواج من فتاة هي في الأصل بنت عمه، نظرا لكونها تنتمى لعائلة الشاب، وكانت تلك الخطبة هي زواج صالونات بمعنى أن الشاب لا يعرفها وهى كذلك لا تعرف الشاب، وتقدم الشاب من خلال أحد الأشخاص الذى نصحه بالزواج لأن الفتاة على خلق ومتدينة وبنت ناس، ولكن فوجئ الشاب من قول والد الفتاة بأنه لن يسمح له برؤية الفتاة إلا بعد عام كامل، لأنه يحتاج لأن يسأل عليه ويعرف عنه بعض الأمور، تخيل عزيزى القارئ، ينتظر شاب عاما كاملا "365" يوما من عمره من أجل أن يرى الفتاه، ومن الممكن أن ترفض أو تقبل، بعيدا عن العادات الأخرى المتعلقة بالزواج والخاصة بالمهر والذهب والتكاليف الأخرى.
هذا مثال، وهناك أمثلة أخرى عديدة بهذا الشكل، فإما أن هذا الشاب ينتمى لعائلة أخرى فممنوع الاقتراب، أو ينتمى لربع ليس في غنى أهل تلك الفتاة، أو هناك من يفرض على الشاب المتقدم ما لا قد يطيقه في ظل تلك الظروف الصعبة، ففي بعض العائلات في سوهاج تسن سنن عديدة منها ما يقال عليها "العلبة" وهناك ما تسن سنة "العشاء"، أما في محافظة قنا فحدث ولا حرج، في عادات الزواج يكون من داخل بعض العائلات في تلك المحافظة.
الله سبحانه وتعالى دعا عباده للوسطية في التعامل، والرسول الكريم محمد صلى الله وعليه وسلم، قال "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" وكذلك كانت سنن الخلفاء من بعده، فلا داعى للتشدد ولا داعى لتحميل الشاب ما لا يطيقه، فالشباب في ظل تلك الظروف الصعبة يعانون معاناة كبيرة لم يشهدها أي جيل من قبل، فظروف العمل، والمعيشة، وتراجع الدخل، كل ذلك عوامل قد تكون سبب في تأخر سن الزواج، فلا داعى من فرض عادات قد تتسبب في ارتفاع نسب العنوسة وخاصة بين بنات تلك العائلات، فشباب العائلات يهجرون تلك الفتيات ويبحثون عن غيرهن ممن هم أقل تشددا حتى ولو كانت في محافظة أخرى أو بلد اخر..خففوا خفف الله عنكم ..وراعوا الله في تصرفاتكم وخذوا رسول الله قدوة لكم في كل أعمالكم .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة