تعد أزمة تغير المناخ من الأزمات الكبيرة التى تواجه القارة الأفريقية، حيث لا يمكن فصل أي مسعى لتعزيز التنمية المستدامة عن أزمة المناخ، فرغم أن أفريقيا تتحمل أقل قدر من المسؤولية ولكن العبء الأكبر منها هي التي تدفع ثمنه. فالدول جميعها تعاني من الاضطرابات الناجمة عن الصدمات المناخية الفردية والمتكررة واسعة النطاق، والتي يمكن أن تتضاعف بسرعة مع عواقب بين الأجيال، خاصة فيما بينها البلدان الفقيرة والشرائح الأفقر من السكان.
ولم تشمل تأثيرات المناخ على الفقراء الخسائر في الأرواح وسبل العيش، بل تجاوزت الأضرار لتصل إلى انخفاض الدخل والإنتاجية الزراعية، فضلًا عن تأثيرها على رأس المال المادي والبشري وفيما يلي أهم التكاليف الاقتصادية والاجتماعية التي تتحملها القارة كما رصدتها دراسة لمركز فاروس للدراسات الأفريقية :
أ) التكاليف الاقتصادية:
ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي: الزراعة هي العمود الفقري لاقتصاد أفريقيا وتمثل غالبية سبل العيش في جميع أنحاء القارة. فلا تزال واحدة من أكبر قطاعات النشاط الاقتصادي، إذ تسهم بنحو 15.5% في الناتج المحلي الإجمالي، و53% من إجمالي العمالة في المنطقة، وتشمل المخاطر الرئيسية على الزراعة في انخفاض إنتاجية المحاصيل المرتبطة بالحرارة والجفاف وزيادة الأضرار الناجمة عن الآفات، والأمراض وتأثيرات الفيضانات على البنية التحتية الزراعية، مما يؤدي إلى آثار ضارة خطيرة على الأمن الغذائي وسبل العيش، خاصة مع زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية 45.6% منذ عام 2012 وحتى عام 2020.
ومن المتوقع حدوث انخفاض في متوسط العائد الزراعي 13% في غرب ووسط أفريقيا، و11% في شمال أفريقيا، و8% في شرق وجنوب أفريقيا. حتى الحبوب التي لديها قدرة أكبر على التكيف مع ظروف الإجهاد الحراري سوف تتأثر، ومن المتوقع خسارة في غلة الحبوب بحلول عام 2050 بـ5% و8% على التوالي، بينما من المتوقع أن يكون الأرز والقمح هو الأكثر المحاصيل المتضررة مع خسارة في الغلة بحلول عام 2050 بـ12% و21% على التوالي.
وأكدت معظم الدراسات القياسية وتنبأت بأنه يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 30% فيما بين الفترة (2040- 2050)، كما يتوقع المركز الأفريقي لسياسات المناخ أن الناتج المحلي الإجمالي سيعاني من انخفاض كبير نتيجة ارتفاع درجة الحرارة العالمية. ووضع لذلك سيناريوهات متعددة تتراوح بين 1% إلى 4% في درجات الحرارة، فمن المتوقع أن ينخفض إجمالي الناتج المحلي للقارة 2.25% إلى 12.12% بحلول 2030.
كما تشير أدلة أخرى إلى زيادة درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية يقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا بمقدار 0.67%، ويمكن أن تختلف هذه التأثيرات على نطاق واسع في المنطقة بـ1 و0.5% في السنة.
وحتى الاستثمارات المطلوبة للتكيف مع تغيرات المناخ في جنوب الصحراء ستتكلف ما بين 30 إلى 50 مليار دولار كل عام على مدى العقد المقبل، أو ما يقرب من 2 إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تقدر دراسات أخرى أن التكاليف قد تكون أعلى بكثير من الناحية النسبية في أفريقيا مما هو عليه في العديد من مناطق العالم الأخرى، فيمكن أن يعادل التغيير 1.5 إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي كل عام بحلول عام 2030. وقد ترتفع سنويًّا إلى 10% من الناتج بحلول عام 2100.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة