يتزايد الإقبال على نظام تسعير الكربون بهدف خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة، وفى ذلك الوقت تشهد أوروبا ارتفاع التسعيرة التى يتم وضعها على انبعاثات ثانى أكسيد الكربون لكل دولة إلى 100 يورو للطن، وذلك لأول مرة، حيث قفز السعر خلال 10 سنوات من 4 يورو للطن إلى 100 يورو.
قال محللون إن قيمة تصاريح ثانى أكسيد الكربون المتداولة فى الأسواق العالمية نمت 164% إلى مستوى قياسى بلغ 760 مليار يورو (851 مليار دولار) العام الماضى، حسبما قالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية.
وحذر خوان فيلا سيمون، رئيس لجنة الطاقة بجمعية أرباب العام للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فى كتالونيا قائلا إت "معدل ثانى أكسيد الكربون أساسى لجعل انتقال الطاقة، عندما ينخفض سعر الغاز سيكون من الضرورى أن ترتفع التسعيرة المفروضة على الانبعاثات وذلك من أجل تشجيع الاستثمار فى الطاقات المتجددة البديلة للغاز".
وأعرب فيلا عن أسفه قائلا "تم إنشاء وضع تسعيرة على انبعاثات الكربون بهدف تعزيز الانتقال نحو نموذج طاقة أقل ضررًا لمناخ الكوكب. ومع ذلك، بدون إجراءات تحمى الشركات الأوروبية من المنافسين الأجانب الذين لا يتعين عليهم مواجهة هذا المعدل، ما يمكن أن يؤدى فى النهاية إلى إغلاق الصناعات أو إعادة توطينها.
وأوضح تقرير نشرته الصحيفة الإسبانية "لمنع هروب الشركات التى تنبعث منها معظم الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، وافقت المؤسسات الأوروبية فى نهاية عام 2022 على تعريفة لفرض ضرائب على واردات بعض السلع التى ينتج إنتاجها كميات كبيرة من ثانى أكسيد الكربون. ومع ذلك، لا يوجد موعد حتى الآن لتنفيذه. لقد ثبت أنه اعتبارًا من 1 أكتوبر 2023، سيكون على الشركات المستوردة التزام بإخطار انبعاثات الكربون الخاصة بها، ولكن دون دفع أى حقوق لها.
ويُطلب حاليًا دفع بدلات الانبعاثات (المعروفة باسم EUAs) من قبل الشركات الأوروبية التى تخضع أنشطتها لنظام تداول الانبعاثات الأوروبية، مثل محطات الطاقة التى تعمل بالوقود الأحفورى، والشركات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل المصافى وشركات الصلب أو الأسمنت أو شركات الطيران تعمل فى أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن تسعير الكربون يعد خيار بسيطا لسياسات مكافحة تغير المناخ، حيث من شأنه أن يقلل تلوث الهواء والازدحام مع تجنب زيادة تكاليف التدابير العلاجية المرتبطة بالمسار الحالى المرتفع لتزايد الكربون فى العالم، كما أنه بالنسبة للشركات، فإن تسعير الكربون يتيح لها إدارة المخاطر، والتخطيط لاستثماراتها منخفضة الكربون، ودفع الابتكار قدما إلى الأمام.
ووفقا للصحيفة فإن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى بسبب الحرب فى أوكرانيا جعلت بعض الدول تتجه إلى توليد الطاقة بالفحم، مما أدى إلى زيادة الطلب على التصاريح وجعلها أكثر تكلفة، إذ يتوقع المحللون أن تستمر أسعار الغاز فى التأثير على أسعار تصاريح الكربون فى الاتحاد الأوروبى هذا العام، فى الوقت الذى تضع فيه اوروبا آلية لتعديل حدود الكربون بدءًا من عام 2023.
قال محلل الكربون الرئيسى فى Refinitiv، أنجيفيلد سورهوس: "تصاريح الانبعاثات الأكثر تكلفة أصابت محطات توليد الطاقة بالفحم على نحو أكثر نسبياً من محطات الغاز، ولكن بسبب ارتفاع أسعار الغاز فى النصف الثانى من عام 2021، كان توليد الفحم لا يزال أكثر ربحية".
وتعرف مخططات تداول الانبعاثات، أو أسواق الكربون، كأدوات قائمة على السوق تهدف إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ويتم وضع حداً أقصى للكميات التى يمكن أن تصدرها البلدان أو الشركات، وإذا تجاوزت هذه الحدود، فيمكنهم شراء تصاريح من الآخرين.
كما يرى صندوق النقد الدولى أن التوصل لاتفاق دولى يضع حدًا أدنى لأسعار الكربون يُعد الطريقة الأسرع لتحقيق هدف الحياد الكربونى.
ومن خلال جعل مصادر الطاقة الملوثة أكثر تكلفة من نظيرتها النظيفة، يوفّر تسعير الكربون حوافز لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وإعادة توجيه جهود الابتكار نحو التقنيات الخضراء، وفقًا للتقرير.
ويحتاج تسعير الكربون إلى الدعم من خلال مجموعة أوسع من التدابير لتعزيز فاعليته، بما فى ذلك الاستثمار العام فى شبكات التكنولوجيا النظيفة -مثل ترقيات الشبكة لاستيعاب مصادر الطاقة المتجددة- واتخاذ تدابير لمساعدة الأسر والعمال والمناطق الأكثر عرضة لخطر الانبعاثات، وفقًا للتقرير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة