انتهت انتخابات الصحفيين وصوت أعضاء الجمعية العمومية، وأصبح هناك نقيب ومجلس للنقابة، وما جرى فى الانتخابات بكل ما أحاطها هو أمر طبيعى فى أى انتخابات ديمقراطية، ومن تابعوا انتخابات الصحفيين خلال ثلاثة عقود، يعرفون أن هذه طبيعة الأمور، فى نقابة الصحفيين وفى كل انتخابات، وكل طرف يحرص على تقديم نفسه بشكل مثالى، مع الأخذ فى الاعتبار أن تطورات التكنولوجيا والمهنة أفرزت واقعًا يفرض السعى لتطوير المهنة، والاهتمام بالتدريب والتشغيل، فى وقت تواجه فيه أدوات الإعلام التقليدية تحديات متسارعة، ومنافسة من أدوات التواصل والأشكال غير التقليدية.
نقابة الصحفيين من بين نقابات قليلة انتظمت فيها الانتخابات وكانت هناك قدرة على استيعاب التناقضات، والاستقطابات، واعتراف كل طرف لمنافسه بالنتائج، وهناك قاعدة بأن الرغبة فى إزاحة الموجود فى الانتخابات على اختيار أعضاء جدد، حدث هذا فى نقابة الصحفيين مرات، ربما تكون مواقع التواصل بميزاتها وعيوبها، أنتجت واقعًا جديدًا من ناحية التورط فى تجاوزات أو اتهامات واستسهال هذا الأمر، وهو خطأ قل من ينجو منه، حتى بعض الكبار يصغرون أنفسهم بالتورط فى أنواع من التلاسن غير المرغوب، لكن يظل هذا الأمر فى حدود ضيقة تصيب أصحابها أكثر مما تخدمهم، وربما تكون هناك فرصة للمجلس الحالى أن يعمل بتناغم، يسهل تفهم وبحث احتياجات الصحفيين، وتقبل التنوع، وتجاوز الانحيازات الجهوية أو القبلية.
ما جرى فى انتخابات نقابة الصحفيين هذه المرة، لا يختلف عما تم فى مرات سابقة، الانتخابات فوز وخسارة، وتبادل مواقع، وأيضًا عملية تراكمية معقدة، تحتمل التربيطات والمناورات والخلافات والاختلافات، وتعكس نتائج انتخابات نقابة الصحفيين هذه المرة، حجم التنوع داخل الجمعية العمومية، وتنفى بالمرة ما سعى البعض لترديده حول حشد أو تدخلات، من الدولة أو المؤسسات، بل إن هذه الادعاءات نفسها تسىء للصحفيين الذين يفترض أنهم أصحاب رأى ولدى كل منهم إرادته وتوجهه، يمكن الاقتراح عليهم وليس إجبارهم على اختيار، وهى صيغة ميزت الصحفيين دائمًا، من دون أن ينفى هذا أن لكل مرشح الحق فى الدعاية لنفسه وتقديم برنامجه، النتائج بقدر ما تنفى الادعاءات، فهى تفرض على المجلس الحالى أن يتفهم أولويات العمل بما يلبى مطالب الصحفيين، بل إن من رددوا هذا سبق لهم أن فازوا وخسروا، بنفس القواعد وفى ظروف متشابهة، ويعرف من عاصروا العقود السابقة أن أقوال البعض الآن سبق قولها وترديدها، وأن المشاهد تكاد تتكرر بحذافيرها.
الانتخابات ونتائجها فى نقابة الصحفيين بداية ليعبر المجلس عن نفسه، ويرتب الأولويات طبقًا لاحتياجات ومطالب الصحفيين، وليس طبقًا لإرادات منفردة، الانتخابات تشهد استعراضًا ومنافسة بين برامج، ووعود، لكن تنفيذها يتطلب أكبر قدر من التوافق والتنوع، وعلى مدار سنوات عشنا وعاصرنا انتخابات نقابة الصحفيين، اختلف الزملاء واتفقوا وبقيت وحدة الصحفيين واحترامهم لأنفسهم وبعضهم ونقابتهم هى المشترك دائمًا، وهو أهم ميراث جيل الأساتذة، تبدأ الانتخابات وتنتهى وتبقى الزمالة والاحترام، خاصة أن هذا الأمر يتكرر كل عامين، حيث يتم انتخاب نقيب جديد، ونصف مجلس النقابة، وهو ما يجعل الفرصة سانحة أمام الزملاء لإعادة تقييم أداء المجلس وقدرته على تلبية مطالب الصحفيين، فى وقت تتضاعف هذه المطالب مهنيًا وماديًا.
الصحافة تواجه تحديات، تحتاج عملًا جماعيًا وتوحدًا، نجح الصحفيون دائمًا بالتوافق حول قضاياهم واحترام التنوع، وإدارة تنوعهم بصبر وحوار، ولدينا تجارب قريبة تشير لهذا، وفرصة لترتيب الأولويات وتنفيذ برامجهم ووعودهم للمهنة والصحفيين، فى ظل حوار قائم ومجال يضاعف فرصة النقاش.
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة