فى دراما رمضان هذا العام، عملان يعتمدان على نص أدبى، الأول هو «سره الباتع»، المأخوذ عن قصة الأديب الكبير يوسف إدريس "سره باتع"، والنص يدور حول علاقة ضريح فى قرية بمصائر الناس، والماضى بالحاضر، وقد تحول إلى مسلسل لخالد يوسف، أدخل عليه تفاصيل وأحداثا تاريخية، ليصنع خيطين بين الماضى والحاضر، والرابط فيهما هو ضريح السلطان حامد الذى يحمل البطل اسمه، ويسعى لفك لغز العلاقة والتأثير، من خلال عمل مركب، أثار مناقشات كثيرة، حول وقائع وأشكال تاريخية، بينما هو فى الأساس ليس عملا تاريخيا، وإنما التاريخ خلفية له، خالد يوسف يقدم عملا ما زال فى بداياته، به بطولات متعددة، أحمد السعدنى وصلاح عبدالله وحنان مطاوع وغيرهم.
العمل الثانى المأخوذ عن نص أدبى هو «مذكرات زوج» للكاتب الراحل أحمد بهجت، وهو ضمن أعماله الاجتماعية الكوميدية التى ميزت كتاباته فترة من عمره الأدبى والصحفى، بجانب كتابات فى مرحلة تالية جمعت بين التاريخى والدينى، مسلسل مذكرات زوج يدور حول المشكلات الزوجية والعائلية، حيث يكتشف رؤوف «طارق لطفى»، أنه غير سعيد ولا راض عن حياته مع زوجته، فيقرر اللجوء إلى طبيب نفسى، والواقع أن العمل الأصلى لا يقوم فقط على شعور الملل العائلى، لكنه يناقش عزلة الإنسان بين عمله وحياته ووجوده فى دوائر مغلقة، تدخله فى الملل والاكتئاب، النص الجديد كتبه السيناريست محمد سليمان عبدالمالك، سيناريست واعد له أعمال سابقة مبشرة، وواضح أنه بذل جهدًا لإدخال تفاصيل معاصرة على عمل أحمد بهجت.
كل من العملين «سره الباتع» و«مذكرات زوج»، له طعمه، وكلاهما من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى تقوم بدور مهم فى إنتاج أعمال درامية، بجانب الشركات الخاصة، وتفعل ذلك فى مرحلة تواجه فيها صناعة السينما والدراما عمومًا تحديات من التكنولوجيا، وانتشار منصات العرض، وهى تطورات تؤثر على صناعة الدراما بشكل عام، وهذ العام هناك أعمال متعددة، ربما يكون من أبرزها «سره الباتع»، و«مذكرات زوج»، وغيرهما من الأعمال، والمشاهد يختار مواعيد ونوع ما يتابعه.
الاعتماد على نص أدبى فى إنتاج عمل درامى، أمر معروف، خاصة بالنسبة للروايات والقصص الكلاسيكية التى تحولت إلى أعمال سينمائية، وهو أمر معروف فى السينما العالمية، وأيضًا فى السينما المصرية التى أنتجت أعمالًا مهمة عن روايات معروفة، مثل أعمال يوسف إدريس ونجيب محفوظ، والحكيم ويحيى حقى، وربما يكون إحسان عبدالقدوس أكثر الكتاب الذين ظهرت أعمالهم فى أفلام شهيرة. وفى الدراما والمسلسلات كانت هناك أعمال مأخوذة عن روايات محفوظ مثل الثلاثية «بين القصرين وقصر الشوق والسكرية»، التى تحولت إلى أفلام، ثم مسلسلات وكذا الحرافيش، وبعضها اقتصر على كونها أفلاما سينمائية، وهناك أعمال تحولت إلى مسلسلات مثل الوتد لخيرى شلبى ووكالة عطية وغيرها، وهناك مسلسلات من أعمال جمال الغيطانى، وسعد مكاوى، السائرون نياما، وأعمال إبراهيم عبدالمجيد وصنع الله إبراهيم.
وربما تكون الدراما أقل اعتمادًا على الروايات والقصص فى السنوات الأخيرة، وإن لم يخل عمل من تأثيرات روايات أو أعمال أدبية مشهورة محلية أو مترجمة، بل إن هناك كتابا اعتادوا اقتباس أفكار وموضوعات روايات أو أعمال كلاسيكية وتضمينها أعمالهم، لكن الأهم هو أن الاقتباس أو الاعتماد على نص أدبى، تختلف نتائجه حسب الكاتب والمخرج، وعناصر العمل، وتختلف النتائج عن النص بشكل كبير، من حيث التفاصيل والعناصر المختلفة للدراما التى تحول العمل إلى مسلسل من حلقات خاصة إذا كان النص قصيرًا أو مركزًا، وأبرز مثال على هذا «حديث الصباح والمساء» الذى تحول إلى مسلسل، وبذل فيه الكاتب الكبير محسن زايد جهدًا كبيرًا أظهر عناصر العمل الذى يقوم على رواية نجيب محفوظ، وقد أنتج محسن زايد عملًا مزدحمًا بالتفاصيل التى تظهر فى الرواية ملخصة أو مجرد لمحات، لكن «زايد» بذل جهدًا كبيرًا فى العمل حولها إلى لوحات بديعة.
لكن فى مسلسلات هذا العام هناك عملان اعتمدا على قصص كلاسيكية لكتاب كبار، احتاج الأمر الكثير من التغييرات والتفاصيل التى تقترب أو تبتعد عن الفكرة الأساسية للعمل الأدبى، وبقدر ما يبتعد سره الباتع إلى حد كبير عن النص الأصلى، ويتضمن تفاصيل أكثر، ويمد خيط العلاقة مع الضريح إلى الحاضر، فى المقابل يحتفى نص «مذكرات زوج» بالكثير من ملامح العمل الذى كتبه أحمد بهجت، وإن كان أضاف إليه تفاصيل.
وفى الحالتين نحن أمام محاولات لإحياء نصوص أدبية مشهورة، مع ما يتطلبه العمل من ابتعاد أو اقتراب من التفاصيل، حيث إن المؤلف مسؤول عن عمله، والدراما تنسب لمخرجها ومؤلفها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة