شهدت أوروبا ارتفاعا كبيرا فى أسعار المواد الغذائية طوال عام 2022، وتستمر الزيادة فى عام 2023، وبلغ معدل التضخم السنوي للأغذية والمشروبات والتبغ في القارة العجوز إلى 19.5% سنويا، وفى منطقة اليورو 17.7%.
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إلى أن التضخم ارتفع في العديد من الدول الأوروبية، حيث تترأس القائمة المجر بنسبة تضخم 47% وليتوانيا 29.7% وسلوفاكيا 28.7%، ثم السويد بنسبة 22.6% تليها ألمانيا بنسبة 22.3%، والبرتغال بنسبة 22% وهولندا بنسبة 18.4% وإسبانيا بنسبة 16.7%، اما إيطاليا فهى تعانى من تضخم يصل 13.5% واليونان 14.7% وايرلندا 13.3% وقبرص 9.1%.
ويؤكد بنك إسبانيا أن هناك نوعًا من عدم التجانس بين الدول من حيث شدة انتعاش أسعار المواد الغذائية، وبالتالي كانت الزيادات قوية بشكل خاص في دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا)، وفي سلوفاكيا، حيث تم تسجيل معدلات سنوية تزيد عن 20٪ في الربع الرابع من عام 2022، وهو مستحق، جزئيًا على الأقل، لتعرض هذه الدول بشكل أكبر لواردات الأغذية والأسمدة من روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا.
بينما كانت الزيادة في أسعار المواد الغذائية المسجلة في فرنسا (10.7٪) وإيطاليا (11.8٪) أقل من تلك التي لوحظت في الاتحاد الاقتصادي والنقدي (EMU) وإسبانيا، فى المقابل، كانت النسبة أعلى في ألمانيا 16٪).
وتسلط الدراسة الضوء على الزيادة في أسعار بعض الأطعمة مثل "الزيوت والمواد الدهنية"، والتي وصلت إلى زيادة سنوية بنسبة 31.2٪ في الربع الرابع من عام 2022، في كل من منطقة اليورو وإسبانيا، تليها فئات من "الحليب والجبن والبيض" التي ارتفعت أسعارها بنسبة 23.6٪ في منطقة اليورو و24.9٪ في إسبانيا، وفئة "الخبز والحبوب" التي ارتفعت أسعارها بنسبة 16.9٪ في منطقة اليورو، أي أقل بـ 2.4% مما كانت عليه في إسبانيا.
أما "البقوليات والخضراوات" و"اللحوم" فهما النوعان الرابع والخامس من المواد الغذائية مع أعلى ارتفاع في الأسعار في منطقة اليورو، والخامس والسابع في إسبانيا معًا.
وأشارت الدراسة إلى أنه تم ربط ارتفاع أسعار الحبوب، التي تأثرت العام الماضي بالحرب في أوكرانيا، والحليب، بشكل أساسي، بعوامل الإمداد ذات الطبيعة العالمية البارزة.
وبالنظر إلى المستقبل، أشار بنك إسبانيا إلى أنه نظرًا للاعتدال الذي لوحظ مؤخرًا في أسعار السلع الأساسية، من المتوقع حدوث "تباطؤ معين" في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في منطقة اليورو وإسبانيا، بالإضافة إلى ذلك فإن الحرب في أوكرانيا تمثل أيضًا بؤرة "عدم يقين كبير" من وجهة نظر أسعار الغذاء، نظرًا لأهمية روسيا وأوكرانيا في أسواق الحبوب العالمية.
وبالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغاز في أوروبا بسبب حرب أوكرانيا ، والتي أدت بطبيعة الحال الى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الدول ، فإن تغير المناخ أيضا يعتبر أكبر العوامل المؤثرة على زيادة أسعار الغذاء، ففي إيطاليا على سبيل المثل أدى الجفاف الى انخفاض حاد في إنتاج الأرز.
وأعلن روبرتو ماجناجى، رئيس منظمة الأرز الوطنية الإيطالية، أن البلاد تعانى من انخفاض حاد فى إنتاج الأرز بسبب الجفاف، حيث إنه لن يتم زراعة أكثر من 211 الف هكتار من الارز فى عام 2023 وهو الاقل منذ عام 23 عاما.
وأشارت صحيفة "المساجيرو" الإيطالية إلى أن إيطاليا تنتج حوالى 50% من الأرز فى الاتحاد الأوروبى، وتتركز الزراعة فى منطقتى لومبارديا وبيدمونت، ولكن لم تتعافى التربة حتى الآن من قلة الأمطار ولم تتساقط الثلوج بشكل كاف فى الشتاء وهو ما ينذر بجفاف شديد للعام الثانى فى البلاد.
وأعربت أندريا توريتى، الخبيرة الزراعية فى مركز البحوث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية، عن أسفها وقالت: "سيكون من الصعب تغطية العجز الذى نواجهه بأمطار الربيع".
وتعتبر إسبانيا من بين الأكثر تضررا في أوروبا بسبب تغير المناخ، ووفقا لتقرير صادر عن مجموعة من الباحثين من البنك المركزي الأوروبي. تقلل الصقيع أو الفيضانات أو موجات الحرارة من المحاصيل، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وأدت موجة الحر في هذا الصيف إلى خفض محصول الزيتون بمقدار النصف، 30٪ من الحبوب و15.5٪ من الحمضيات.
وواجه إسبانيا جفافا غير مسبوق بعد 3 أعوام من تراجع هطول الأمطار، والذى أثر بطبيعة الحال على إنتاج بعض المواد الغذائية مثل زيت الزيتون والحليب، وادى بشكل خاص الى تراجع إنتاج زيت الزيتون فى البلاد إلى النصف.
وأشارت صحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية إلى أن قطاع زيت الزيتون الإسباني، وهو ركيزة أساسية لنظام الأغذية الزراعية وأحد المصدرين الرئيسيين في جميع أنحاء العالم، بمرحلة معقدة للغاية، في العام الماضي شهدت "عاصفة كاملة" بسبب الجفاف ويشعر المستهلك بعواقبها في شكل ارتفاع الأسعار.
وتظهر البيانات الرسمية أن الأسعار في منشأ الإنتاج قد ارتفعت بنسبة 60٪، هذه الزيادة الضخمة هي نتيجة مباشرة للجفاف ، ولكن أيضًا للزيادات في أسعار الإمدادات التي يتعين على المزارعين مواجهتها، حيث تأثرت المبيعات أيضا بهذه الموجة.
كما ارتفعت أسعار اللبن في إسبانيا بنسبة 30% عن العام الماضى، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وأيضا نتيجة لجفاف المياه الذى أثر على المراعى والذى أدى بطبيعة الحال إلى نقص انتاج الحليب من الأغنام والأبقار، حسبما قالت قناة "سير" الإسبانية.
وأشار الخبراء إلى أنه يتعين على المركزى الأوروبى أن يواصل دون توقف رفع هذه المعدلات بقدر ما هو ضرورى، لكنه يحتاج إلى تعاون كافة الدول، لاتخاذ الإجراءات اللازمة، منها وقف الإنفاق العام الذى يجبر البلاد على الاستدانة، حيث يجب على الدول التوقف عن إصدار الديون لأن هذا الدين هو لتغذين الأموال المتداولة وبالتالي توافر السيولة لمواصلة الإنفاق ، كما أنه من الضرورى أن يتم اتخاذ هذا الاجراء في وقت واحد وبتوافق جميع الأراء بين جميع الدول.
كما أضاف الخبراء، وفقا لصحيفة "الموندو" الإسبانية، أنه أيضا لا بد من خفض ضريبة القيمة المضافة الى الصفر مؤقتا لجميع الأطعمة الرئيسية في سلة التسوق لكل بلد وذلك لتجنب انهيار الاسر الفقيرة.
وبدون وقف الإنفاق العام وحاجة البلدان إلى التمويل لا يمكن اتخاذ هذا الإجراء الثاني الذي من شأنه أن يساعد في خفض مؤشر الغذاء هذا وفي غضون 6-9 أشهر العودة إلى مسار الحياة الطبيعية الجديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة