لم يكن جديداً ما كشفته روسيا عن عقيدتها الجديدة لسياستها الخارجية، أرى أن التصريح ببنود والكشف علناً هو فقط التحديث، لكن روسيا أعلنت عن عقيدتها بالفعل، دون اللجوء إلى تصريحات أو تحديثات، وفى الحقيقية لم تكن روسيا فقط، غرباً أيضاً صرح عدد من المسئولين السياسيين والعسكريين أننا بصدد عالم متعدد الأقطاب لا محالة، ولا تستطيع أمريكا أن تظل مهيمنة على العالم بأحادية خلقت الحروب والأزمات وتنميط العالم وتقسيمة وفق مصالح القطب الواحد، وأذكر أن أحدث من تحدث بذلك كان المستشار الألمانى"أولاف شولتر"، فى بيان حكومى أمام البرلمان "البوندستاغ" أن عالم القرن الحالى سيكون "متعدد الأقطاب"، وأن الأمر سيتطلب تنويع العلاقات فى جميع أنحاء العالم، وشراكات وثيقة مع الدول الناشئة فى أسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، وهنا نستطيع أن نقول مقولتنا المعروفة "كلُ يغنى على ليلاه" المثل الذى قيل فى وصف مجانين الحُب، لكن فى جنون حُب الهيمنة الدولية قد تسعى ألمانيا أن تلعب دورا قياديا لبلورة قطبية أوروبية منافسة وفاعلة فى عالم الأقطاب المتعددة لا، وذلك بعد أن كشفت أزمة أوكرانيا حاجة أوروبا لغطاء أمنى وسياسى استراتيجى خاص بها.
وعلى صعيد آخر، أعرب "هنرى كسنجر" وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، أن الحرب الباردة الثانية ستكون أكثر خطورة من الأولى، التى تبدأ بين الصين والولايات المتحدة، وصرح كسنجر أن كلا الدولتين تمتلكان موارد اقتصادية متشابهة وهو ما لم يكن عليه الحال من قبل فى الحرب الباردة الأولى، وقال كسنجر عن الرئيس " فلاديمير بوتين " ، أن لدى الرئيس الروسى إيماناً صوفياً بتاريخ بلاده وشعر بالإهانة بسبب الفجوة الهائلة مع أوروبا. وبدا هذا واضحاً بضم روسيا لشبه جزيرة القرم منذ عام 2014، والذى أعلن الرئيس بوتين بكل فخر أن القرم جزء من روسيا إلى الأبد، فى يوم الوحدة الوطنية برحلته إلى القرم مؤكداً أن روسيا أستعادت وحدتها التاريخية، وعلى إثر القمة الثنائية بين روسيا والصين التى عقدت فى موسكو مارس 2023، والبيان المشترك الصادر عن الزعيمين، أن العلاقات الصينية الروسية تجاوزت كونها علاقات ثنائية بل أنها ذات أهمية كبيرة للنظام العالمى، وتدخل علاقة البلدين عصراً جديداً للنظام العالمى الحديث ولمصير البشرية ودعم موسكو وبكين سيادة وأستقلال سوريا وليبيا ، وأن روسيا والصين تعارضان فرض دولة واحدة لقيمها على دولة أخرى ، مؤكدين عدم وجود شئ يسمى ديمقراطية أعلى ، وأضاف الرئيس " شى جين بينغ " ، أن روسيا والصين ستساهمان فى الأنتعاش الأقتصادى العالمى، وبناء القوة البناءة فى تشكيل عالم متعدد الأقطاب، وما كان يتبقى سوى أن يوقع بوتين على مرسوم فى 13 مارس 2023، يكشف عن عقيدة جديدية لسياسة روسيا الخارجية تشير لتزايد مخاطر الصدام بين القوى الكبرى وتتحدث عن سعى موسكو لإقامة نظام عالمى جديد، والأوضاع الدولية تجبر روسيا على عمل وثائق تخطيط استراتيجى خاصة بها، وتقدم العقيدة الجديدية لروسيا أن الولايات المتحدة والغرب مصدر تهديدات وجودية لموسكو فى أجواء الخلافات المتصاعدة المرتبطة بالنزاع فى أوكرانيا.
وأضاف أن استخدام القوات المسلحة ضد من يستخدم هجمات على روسيا من ضمن تعديلات عقيدة السياسة الخارجية، ويستمر الصراع بين القوى العظمى ليسيطر جنون القوة على هذا العالم ليكون البقاء دائماً للأقوى " أقتصادياً سياسياً عسكرياً دبلوماسياً "، وبينما نبحث عن السلام والأمن والأمان استطيع القول، "يا أيها العالم حِد جنونك *** فقد أغلقت عقلك وجفونك *** فأصبحت رسائلك رعد وبرق ونوه *** ونحنُ بشر خُلقنا للنعم بالعبادة والمن والسلوى *** لنتنفس هواء ليس بارود ورصاص *** لله الأمر ولا حول لنا ولا قوة " ، فخورة بمصريتى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة